للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُوي عن ابن عباس أنَّه قال: "به تنال ولاية الله، وبه يوجد طعم الإيمان" (١).

وحب المساكين قد وصى به النبي صلّى الله عليه وسلم غير واحد من أصحابه، قال أبو ذر: أوصاني رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن أَحَبّ المساكين، وأن أدنو منهم. خرَّجه الإمام أحمد (٢).

وخرَّج الترمذي (٣) عن عائشة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لها: "يا عائشة! أحبي المساكين وقرِّبيهم فإن الله يقربك يوم القيامة".

ويروى أن داود عليه السلام كان يجالس المساكين، ويقول: يا رب مسكين بين مساكين.

ولم يزل السَّلف الصالح يوصون بحب المساكين، كتب سفيان الثوري إِلَى بعض إخوانه: "عليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل ربه حب المساكين".

وحب المساكين مستلزم لإخلاص العمل لله تعالى، والإخلاص هو أساس الأعمال الَّذِي لا تثبت الأعمال إلا عليه، فإن حب المساكين يقتضي إسداء النفع إليهم بما يمكن من منافع الدين والدنيا، فَإِذَا حصل إسداء النفع إليهم حبًّا لهم والإحسان إليهم كان هذا العمل خالصًا، وقد دلّ القرآن عَلَى ذلك، قال عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٨ - ٩]، وقال عز وجل: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣٥٣).
(٢) (٥/ ١٥٩) وقال الهيثمي (١٠/ ٢٦٣): "رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه، وأحد إسنادي أحمد ثقات".
(٣) برقم (٢٣٥٢) وقال: هذا حديث غريب. وقال الحافظ في التلخيص (٣/ ١٠٩): "إسناده ضعيف".