للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رب ذي طمرين نضوٍ (١) ... يأمن العالم شره

لا يُرى إلا غنيًّا ... وهو لا يملك ذره

ثم لو أقسم في شيء ... عَلَى الله أبره

قال ابن مسعود: كونوا جدد القلوب، خلقان الثياب، سرج الليل، مصابيح الظلام، تُعرفون في أهل السماء، وتخفون عَلَى أهل الأرض.

طوبى لعبدٍ بحبلِ الله مُعْتَصَمُه ... على صراطٍ سَويٍّ ثابتٍ قدمُه

رثّ اللباس جديدِ القلب مُستترٍ ... في الأرض مشتهرٍ فوقَ السما سمُه

ما زال (يستحقرُ) (*) الأُولَى بِهمَّته ... حتى ترقّت إلى الأخرى به هِمَمُه

فذاك أعظمُ من التاج مُتّكئاً ... على النمارق مُحتفّاً به خَدَمُه

واعلم أن محبة المساكين لها فوائد كثيرة، منها: أنها توجب إخلاص العمل لله عز وجل؛ لأنّ الإحسان إليهم لمحبتهم لا يكون إلا لله عز وجل؛ لأنّ نفعهم في الدُّنْيَا لا يرجى غالبًا، فأما من أحسن إليهم ليمدح بذلك فما أحسن إليهم حبًّا لهم بل حبًّا لأهل الدُّنْيَا، وطلبًا لمدحهم له بحب المساكين.

ومنها: أنَّها تزيل الكبر، فإن المستكبر لا يرضى مجالسة المساكين كما سبق عن رؤساء قريش والأعراب ومن حذا حذوهم من هذه الأمة ممن تشبّه بهم، حتى أن بعض علماء السوء كان لا يشهد الصلاة في جماعة خشية أن تزاحمه المساكين في الصف.

ويمتنع بسبب هذا الكبر خير كثير جدًّا، فإن مجالس الذكر والعلم يقعُ فيها كثيرًا مجالسة المساكين، فإنهم أكثر هذه المجالس، فيمتنع المتكبر من هذه المجالس بتكبره، وربما كان المسموع منه الذكر والعلم من جملة المساكين، فيأنف


= ضعفه".
وأخرجه البزار في البحر الزخار (٢٠٣٥) من حديث ابن مسعود، وقال: وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن عبد الله إلا بهذا الإسناد.
(١) أي: ذو ثياب خلقة بالية. (اللسان: ١٥/ ٣٢٩).
(*) يحتقر: "نسخة".