غير تامة، فالواجب عليه المبادرة بالتوبة، والاجتهاد في تكميل المحبة المُفضية
لفعل الواجبات كلها واجتناب المحرمات كلها، وهذا معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلم:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن"(١).
فإن الإيمان الكامل يقتضي محبة ما يحبه الله، وكراهة ما يكرهه، والعمل بمقتضى ذلك، فلا يرتكب أحد شيئًا من المحرمات أو يخل بشيء من الواجبات إلا لتقديم هوى النفس المقتضي لارتكاب ذلك عَلَى محبة الله تعالى المقتضية لخلافه.
الدرجة الثانية من المحبة: درجة المقربين، وهي أن يمتلئ القلبُ بمحبة الله حتى توجب له محبة النوافل، والاجتهاد فيها، وكراهة المكروهات، والانكفاف عنها، والرضا بالأقضية والأقدار المؤلمة للنفوس لصدورها عن المحبوب، كما قال عامر بن قيس: أحببت الله حبًّا هوَّن عَلَيَّ كلَّ مصيبة، ورضَاني بكل بلية، فلا أبالي مع حبي إياه عَلَى ما أصبحت ولا عَلَى ما أمسيت.
وقال عمر بن عبد العزيز لما مات ولده الصالح: إن الله أَحَبّ قبضه، وإني أعوذ بالله أن يكون لي محبة في شيء من الأمور يخالف محبة الله.
كان يقول: إذا أصبحت فمالي سرور إلا في مواقع القضاء والقدر.
وأنشد بعضهم:
يا من يعز علينا أن نفارقهم ... وجداننا كل شيء بعدكم عدم
إن كان سركم ما قد بليت به ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وحسب سلطان الهوى ... أن يلذ فيه كل ما يؤلم
كان عمار بن ياسر رضي الله عنه يقول: اللهم لو أعلم أنَّه أرضى لك عني