للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنار.

وعن بكر المزني، وإن أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- خطب الناس بالبصرة، فذكر في خطبته النار، فبكى حتى سقطت دموعه عَلَى المنبر، قَالَ: وبكى الناس يومئذ بكاء شديدًا.

وعن إبراهيم بن محمد البصري قَالَ: نظر عمر بن عبد العزيز إِلَى رجل عنده متغير اللون، فَقَالَ له: ما الَّذِي أرى بك؟ قَالَ: أسقام وأمراض يا أمير المؤمنين إن شاء الله، فأعاد عليه عمر، فأعاد الرجل مثل ذلك ثلاثًا، ثم قَالَ: إذا أبيت إلاَّ أن أخبرك، فإني ذقت حلاوة الدُّنْيَا، فصغر في عيني زهرتها وملاعبها، واستوى عندي حجارتها وذهبها، ورأيت كان الناس يساقون إِلَى الجنة وأنا أساق إِلَى النار، فأسهرت لذلك ليلي، وأظمأت نهاري، وكل ذلك صغير حقير في جنب ثواب الله عز وجل وجنب عقابه.

وهذا الكلام يشبه حديث حارثة المشهور، وهو حديث رُوي من وجوه مرسلاً، ورُوي مسندًا متصلاً من رواية يوسف بن عطية الصفار، وفيه ضعف، عن ثابت عن أنس أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قَالَ لشاب من الأنصار: "كيف أصبحت يا حارثة؟ قَالَ: أصبحت مؤمنًا بالله حقًّا، قَالَ: انظر ما تقول، فإن لكل قول حقيقة قَالَ: يا رسول الله عزفت نفسي عن الدُّنْيَا، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني بعرش ربى بارزًا، وكأني أنظر إِلَى أهل الجنة يتزاورون فيها، وإلى أهل النار يتعاوون فيها، قَالَ: أبصرت فالزم، عبد نور الله الإيمان في قلبه" (١) والمرسل


(١) أخرجه العقيلي في الضعفاء (٤/ ٤٥٥)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (٣٦٢)، والبيهقي في "الشعب" (١٠٥٩٠) قَالَ العقيلي: ليس لهذا الحديث إسناد يثبت.
وذكر الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة الحارث بن مالك الأنصاري طرق الحديث ثم قَالَ: ورواه البيهقي في "الشعب" من طريق يوسف بن عطية الصفار -وهو ضعيف جداً عن أنس ... فذكره، ثم قَالَ الحافظ: قَالَ البيهقي: هذا منكر، وقد خبط فيه يوسف فَقَالَ مرة: الحارث، وقال مرة: حارثة .... ثم قَالَ الحافظ: قَالَ ابن صاعد بعد أن أخرجه عن الحسين بن الحسن المروزي عن ابن المبارك: لا أعلم صالح بن=