للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المروذي: في حديث حذيفة، أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قَالَ: "رأيت ليلة أسري بي الجنة والنار في السماء، فقرأت هذه الآية: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢]. فكأني لم أقرأها قط، وهو تصديق لما قاله حذيفة، نقله عنه الخلال في "كتاب السنة" وهذا اللفظ الَّذِي احتج به الإمام أحمد لم نقف عليه بعد في حديثه، وإنَّما رُوي عنه ما تقدّم.

ورُوي عن حذيفة، أنّه قَالَ: والله ما زايل البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء، ورأيا الجنة والنار ووعد الآخرة أجمع (١). ولم يرفع (*)، وهذا كله ليس بصريح في أنّه رأى النار في السماء كما لا يخفى.

وأيضاً، فعلى تقدير صحة ذلك اللفظ، لا يدل عَلَى أن النار في السماء، وإنَّما يدل عَلَى أنّه رآها في السماء، والميت يرى في قبره الجنة والنار وليس الجنة في الأرض.

وقد رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلم، في صلاة الكسوف، الجنة والنار وهو في الأرض (٢)، وكذلك في بعض طرق حديث الإسراء حديث أبي هريرة، أنّه مر عَلَى أرض الجنة والنار، في مسيره إِلَى بيت المقدس، ولم يدل شيء من ذلك عَلَى أن الجنة في والأرض، فحديث حذيفة إن ثبت فيه أنّه رأى الجنة والنار في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي، والله أعلم.

وفي حديث أبي هارون العبدي، وهو ضعيف جداً، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في صفة الإسراء، أنّه - صلى الله عليه وسلم -، رأى الجنة والنار فوق السماوات، ولو صح لحمل عَلَى ما ذكرناه أيضًا.

وقد روى القاضي أبو يعلى، بإسناد جيد، عن أبي بكر المروذي، أن الإمام أحمد فسر له آيات متعددة من القرآن، فكان مما فسره قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ


(١) أخرجه الترمذي (٣١٤٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(*) في حاشية الأصل في نسخة: "يرفعه".
(٢) أخرجه البخاري (٤٣١) من حديث ابن عباس، (٥٤٠) من حديث أنس وأخرجه مسلم (٩٠٤) من حديث جابر.