للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرَّجهُ البخاريُّ (١) مختصرًا، ولفظُه: "الشمسُ والقمرُ مكورانِ يومَ القيامةِ".

وخرَّج أبو يَعْلَى، منْ روايةِ درستْ بنِ زيادٍ، عن يزيدَ الرقاشيَ، عن أنسٍ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "الشمسُ والقمرُ ثورانِ عقيرانِ في النارِ".

وهذا إسنادٌ ضعيف جدًّا (٢).

وقد قيلَ: إنَّ المعنى في ذلكَ أنَّ الكفارَ، لمَّا عبدُوا الآلهةَ من دونِ اللَّهِ، واعتقدُوا أنها تشفعُ لهم عندَ اللَّهِ وتقرِّبُهم إليه، عوقِبُوا بأن جعلت معهم في النارِ إهانةً لها وإذلالاً، ونكايةً لهم، وإبلاغًا في حسرتِهِم وندامتِهِم، فإنَّ الإنسانَ إذا قرنَ في العذابِ بمنْ كانَ سببَ عذابِهِ كانَ أشدَّ في ألَمِهِ وحسرَتِهِ.

ولهذا المعنى يقرنُ الكفارُ بشياطينهِم التي أضلتْهُم.

قالَ اللَّهُ تعالَى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨) وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُون} [الزخرف: ٣٦ - ٣٩].

قالَ مَعْمرٌ: عنْ سعيدٍ الجريريِّ في هذهِ الآياتِ: بلغنَا أن الكافرَ إذا بُعِثَ يومَ القيامةِ منْ قبره، شُفِعَ بيده شيطانِ، فلم يفارقْه حتى يصيرَهُما اللَّهُ إلى النارِ، فذاكَ حينَ يقولُ: {يَا لَيْتَ بيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ} [الزخرف: ٣٨].

وقالَ أبو الأشهبِ عن سعيدٍ الجريريِّ، عن عباسٍ الجشميِّ: إنَّ الكافرَ إذا خرجَ من قبرِهِ، وجَدَ عندَ رأسِهِ مثلَ السرحةِ المحترقةِ شيطانةً فتأخذُ بيده، فتقولُ:


(١) برقم (٣٢٠٠).
(٢) قَالَ ابن حبان في المجروجين (١/ ٢٩٣) عن درست: وكان منكر الحديث جدًّا يروي عن مطر وغيره أشياء تتخايل إِلَى من يسمعها أنها موضوعة، لا يحل الاحتجاج بخبره، روى عن يزيد الرقاشي عن أنس. ثم ساق هذه الرواية.