وعن سعيدِ بنِ جبيرِ قال: إذا جاعَ أهلُ النَّارِ، استغاثُوا، من الجوعُ فأُغيثُوا بشجرةِ الزَّقومِ، فأكلوا منها، فانسلختْ وجوهُهُم، حتى لو أنَّ مارًّا مرَّ عليهم يعرفُهم لِعُرْفِ جلود وجوهِهِم، فإذا أكلُوا منها، أُلقي عليهم العطشُ، فاستغاثُوا من العطشِ، فأُغيثوا بماءِ كالمهلِ، والمهلُ: الذي قد انتهى حرُّهُ، فَإِذَا أدنوه من أفواههم، أنضج حره الوجوه، ويصهر به ما في بطونهم، ويضربون بمقامع من حديد، فيسقط كل عضو عَلَى حاله، يدعون بالثبور (١).
والمعنى أنَّهم يتردَّدُون بينَ جهنمَ والحميم، فمرةٌ إلى هذا، ومرةٌ إلى هذا قالَهُ قتادةُ، وابنُ جريجٍ، وغيرُهما.
وقال القرظيُّ في قولِهِ:{يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ}[الرحمن: ٤٤] قالَ: إنَّ الحميمَ دونَ النَّارِ، فيُؤخذُ العبدُ بناصيتِه، فيُجرُّ في ذلك الحميم، حتى يذوبَ اللحمُ، ويبقى العظمُ، والعينان في الرأسِ، وهذا الذي يقول اللَّهُ عزَّ وجلَّ:{فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ}[غافر: ٧٢].