للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن مالكٍ أنّه كانَ إذا سُئِلَ عن المسألةِ كأنهُ واقفٌ بين الجنةِ والنَّارِ.

وقال بعضُ العلماءِ لبعضِ المُفتينَ: إذا سُئلْتَ عن مَسأَلة فلا يَكُنْ همُّكَ تخليصَ السائل، ولكن تخليصَ نفسكَ أَوَّلًا.

وقال لِآخرَ: إِذَا سُئلتَ عن مسألةٍ فتفَكَّر؛ فإن وجدتَ لنفسك مخرجًا فتكلّم وإلا فاسْكُتْ.

وكلامُ السلفِ في هذا المعنى كثيرٌ جدًّا يطولُ ذكرُه واستِقْصَاؤهُ.

ومِن هذا البابِ أيضًا كراهةُ الدّخولِ عَلَى الملُوكِ والدُّنُوِّ منهُم، وهُوَ البَابُ الَّذِي يدخُلُ منهُ عُلماءُ الدُّنْيَا إِلَى نيلِ الشَّرفِِ والرياساتِ فيها.

وخرج الإمام أحمدُ (١)، وأبو داود (٢)، والترمذيُّ (٣)، والنسائي (٤) من حديث ابن عباس، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ سكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَن ِاتّبَعَ الصَّيدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى أَبْوَابَ السَّلاَطين افتُتِن".

وخرج أحمد (٥)، وأبو داود (٦) نحوه من حديث أبي هريرة "، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي حديثه: "وَمَا ازْدَادَ أَحَدٌ منَ السَّلْطَانِ دُنُوًّا إِلَّا ازْدَادَ منَ اللَّه بُعْدًا".

وخرج ابن ماجه (٧) من حديث ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي سَيَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَقُولُونَ: نَأْتِي الْأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَنَعْتَزِلُهُمْ بِدِينِنَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنَ الْقَتَادِ إِلَّا الشَّوْكُ، كَذَلِكَ لَا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلَّا الْخَطَايَا".


(١) (١/ ٣٥٧).
(٢) برقم (٢٨٥٩).
(٣) برقم (٢٢٥٦). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من حديث الثوري.
(٤) برقم (٤٣٢٠).
(٥) (٢/ ٣٧١، ٤٤٠).
(٦) برقم (٢٨٦٠).
(٧) برقم (٢٥٥). قال في "الزوائد": إسناده ضعيف، وعبيد الله بن أبي بردة لا يعرف.