للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٤٤) سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشًا، وأحرقت أجوافهم جوعًا، ثم انصرف بهم إِلَى النار، فيسقون من عين آنية، قد أن حرها، واشتد نضجها.

وروى ابن المبارك (١) بإسناده عن كعب، قَالَ: إن الله ينظر إِلَى عبده، يوم القيامة، وهو غضبان فيقول: خذوه، فيأخذه مائة ألف ملك أو يزيدون، فيجمعون بين ناصيته وقدميه غضبًا لغضب الله، فيسحبونه عَلَى وجهه إِلَى النار، قَالَ: فالنار أشد عليه غضبًا من غضبهم سبعين ضعفًا، قَالَ: فيستغيث بشربة، فيسقى شربة يسقط منها لحمه وعصبه، ثم يركس (٢) أو يدكس في النار، فويل له

من النار.

قَالَ ابن المبارك: حدثت عن بعض أهل المدينة، أنّه يتفتت في أيديهم إذا أخذوه، فيقول: ألا ترحموني؟

فيَقُولُونَ: كيف نرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين؟!.

وروى الأعمش، عن مالك بن الحارث، قَالَ: إذا طرح الرجل في النار، هوى فيها، فَإِذَا انتهى إِلَى بعض أبوابها، قيل: مكانك حتى تتحف.

قَالَ: فيسقى كأسًا من سم من الأساود والعقارب.

قَالَ: فيتميز الجلد عَلَى حدة، والشعر عَلَى حدة، والعصب عَلَى حدة، والعروق عَلَى حدة، خرّجه ابن أبي حاتم.

وروى محمد بن سليمان بن الأصبهاني، عن أبي سنان ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبى الهذيل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قَالَ: "إن جهنم لما سيق إليها أهلها، تلقتهم فلفحتهم لفحة، فلم تدع لحمًا عَلَى عظم إلاَّ ألقته عَلَى العرقوب" (٣). خرّجه الطبراني (٤) ورفعه منكر، فقد رواه ابن عيينة، عن


(١) في "الزهد" (٢٨٦) قَالَ: أنا عنبسة بن سعيد، عن يزيد بن عبد الله بن الحارث، عن كعب ... فذكره.
(٢) يركس: أي يرد ويرجع.
(٣) العرقوب: هو الوتر الَّذِي خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الأربع، وهو من الإنسان فوق العقب.
(٤) في "المعجم الأوسط" (٢٧٨، ٩٣٦٥) وقال: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن أبي الهذيل إلاَّ أبو سنان، تفرد به محمد بن سليمان الأصبهاني. وقال الهيثمي في=