للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول: لا والله، إن أصبح فيها مؤمن إلاَّ حزينًا، وكيف لا يحزن المؤمن، وقد جاءه عن الله، أنّه وارد جهنم، ولم يأته أنّه صادر عنها؟

قَالَ أحمد: وأنبأنا حسين بن محمد، حدثنا ابن عياش، عن عبد الله بن دينار، وإن لقمان، قَالَ لابنه: يا بني، كيف يأمن النار من هو واردها؟

وقد اختلف الصحابة ومن بعدهم في تفسير الورود، فقالت طائفة: الورود هو المرور عَلَى الصراط، وهذا قول ابن مسعود وجابر والحسن وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والكلبي وغيرهم.

وروى إسرائيل عن السدي، قَالَ: سألت مرة الهمداني، عن قول الله عز وجل: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} فحدثني عن ابن مسعود أنّه حدثهم، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يرد الناس النار، ثم يصدرون [منها] (*) بأعمالهم، فأولهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب في رحله، ثم كسير الرجل، ثم كمشيه" خرّجه الترمذي (١) وقال: حديث حسن.

وخرج الإمام أحمد (٢) أوله، وخرّجه الحاكم (٣) وقال: صحيح، ورواه شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله موقوفًا، ولم يرفعه شعبة، مع أنّه أقر بأن السدي حدثه به مرفوعًا. قَالَ الدارقطني: يحتمل أن يكون مرفوعًا.

قلت: ورواه أسباط، عن مرة الهمداني، عن عبد الله موقوفًا أيضاً، فَقَالَ: يرد الناس الصراط جميعًا، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر كالبرق فذكر الحديث بطوله، وفي آخره: حتى إن آخرهم مرَّا، رجل نوره عَلَى إبهامي قدميه، يتكفأ به الصراط


(*) من سنن الترمذي.
(١) برقم (٣١٥٩) وقال أيضاً: ورواه شعبة عن السدي، فلم يرفعه.
(٢) (١/ ٤٣٣) موقوفًا عن عبد الله بن مسعود، قَالَ عبد الله بن أحمد: قلت له: إسرائيل حدثه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قَالَ: نعم هو عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أو كلامًا هذا معناه.
وأخرجه أيضًا (١/ ٤٣٥) موقوفًا.
(٣) في "المستدرك" (٢/ ٣٧٥).