للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرجه الترمذيُّ (١) وغيرُه (٢) من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.

وفي روايةٍ لغيرهِ مِن وَجْهٍ آخَرَ في هذا الحديث: "يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِمْ".

وفي رواية أخرى من وجه آخر: "يَطَؤُهُم الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالدَّوَابُّ بِأرْجُلهِمْ حَتَّى يَقْضِيَ الله بَيْنَ عِبَادِهِ".

واستأذنَ رَجل عُمرَ -رضي اللَّه عنه- في القَصصِ عَلَى الناس فَقَالَ له: إِني أَخافُ أن تَقُصَّ عليهم فترتفع عَليهِم في نَفسكِ حَتَّى يَضَعَكَ اللَّه تَحْتَ أَرْجُلهمْ يَومَ القيامةِ.

ومِنها: نَظرُ العبدِ إِلَى ثَوابِ المتَواضعينَ للَّه في الدُّنيا بالرِّفعةِ في الآخرةِ؛ فإنه من تواضعَ لله رفَعَهُ.

ومنها -وَلَيس هُو في قُدرَةِ العبدِ، ولكنَّهُ من فضلِ اللَّه ورَحمتِهِ-: مَا يُعوّضُ الله عِبادهُ العارفين به، الزاهدينَ فيمَا يفنى مِنَ المالِ والشَّرفِِ، ممَّا يُعجِّلُهُ الله لهم في الدُّنْيَا مِن شرفِ التَّقوى وهيبةِ الخلقِ لهم في الظَّاهرِ، ومن حلاوةِ المعرفةِ والإيمان والطَّاعةِ في الباطن.

وهي الحياةُ الطيِّبةُ التي وعدهَا الله لمن عَمِلَ صالحًا من ذكير أو أُنثى وهُو مُؤمنٌ، وهذهِ الحياةُ الطيِّبةُ لم يذُقها الملوكُ في الدُّنْيَا ولا أَهلُ الرئاساتِ والحرصِ عَلَى الشَّرفِِ، كما قالَ إبراهيمُ بنُ أَدهمَ.

لو يعلمُ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ ما نحنُ فيه لجالدونا عليهِ بالسيوفِ.

ومن رزقهُ الله ذلك اشتغلَ به عن طلبِ الشَّرفِِ الزائلِ والرئاسةِ الفانية.

قال الله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} (٣).


(١) فى "الجامع" (٢٤٩٢). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وانظر تخريج هذا الحديث في كتابي "أهوال النار" باب "سجن النار".
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (٢/ ١٧٩)، والنسائي فى "الكبرى" كما فى "تحفة الأشراف" (٨٨٠٠).
(٣) الأعراف: ٢٦.