للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن زيد: الحساب الشديد الَّذِي ليس فيه شيء من العفو، والحساب اليسير الَّذِي تغفر ذنوبه وتقبل حسناته.

فتبين بهذا أنّه لا نجاة للعبد بدون المغفرة والعفو والرحمة والتجاوز، وأنه متى أقيم العدل المحض عَلَى عبد هَلك.

ومما يبين ذلك أيضًا قوله تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨]، فهذا يدلُّ عَلَى أن الناسُ يسألون عن النعيم في الدُّنْيَا، وهل قاموا بشكره أم لا؟ فمن طولب بالشكر عَلَى كل نعمة من عافية وستر وصحةِ جسم وسلامة حواسٍّ وطيب عيش واستُقصي (ذلك عليه) (*)، لم تَفِ أعمالُهُ كلُّها بشكر بعض هذه النعم، وتبقى سائر النعم غير مقابلة بشكر فيستحق صاحبها العذاب بذلك.

وخرَّج الخرائطي في "كتاب الشكر" (١) من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقفُ بين يدي الله عز وجل (فيقول الله للملائكة) (**): انظروا في عمل عبدي (ونعمتي) ( ... ) عليه. فينظرون فيَقُولُونَ: ولا بقدر نعمةٍ واحدةٍ من نعمك عليه.

فيقول: انظروا في عمله سيِّئه وصالحه. فينظرون فيجدونه كفافًا، فيقول: عبدي قد قبلتُ حسناتِكَ وغفرتُ لك سيئاتِكَ، وقد وهبت لك (نعمي) (****) فيما بين ذلك".

وخرَّج الطبراني (٢) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "إنَّ الرجلَ يأتي يوم القيامة بالعمل لو وُضِعَ عَلَى جبلٍ لأثقله، فَتَقْدُم النعمة من نعم الله


(*) عَلَى ذلك: "نسخة".
(١) وأورده ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص ٢٤٤) بقوله: وروى الخرائطي بإسناد فيه نظر.
(**) فيقول لملائكته: "نسخة".
( ... ) ونعمي: "نسخة".
(****) نعمتي: "نسخة".
(٢) في "المعجم الكبير" (١٢/ ١٣٥٩٥)، وقال الهيثمي (١٠/ ٤٢٠): فيه أيوب ابن عتبة، وهو ضعيف.