للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا يشتمل عَلَى أعلى نعيم المؤمنين في الدُّنْيَا والآخرة، وأطيب عيشٍ لهم في الدارين.

فأمَّا لذَّةُ النظر إِلَى وجه الله عز وجل، فإنَّه أعلى نعيم أهل الجنة، وأعظم لذة لهم؛ كما في "صحيح مسلم" (١) عن صُهيب رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ نَادَى المُنَادِي: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ، فَيَقُولُون: وَمَا هُوَ؟ أَلَمْ يُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، أَلَمْ يُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، أَلَمْ يُنْجِنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ. فَوَاللَّهِ مَا أَعَطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا هُوَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، وَهُوَ الزِّيَادَة. ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (٢) ".

وفي رواية لابن ماجه وغيره (٣)، في هذا الحديث: "فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا هُوَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ وَلَا أَقَرَّ لِأَعْيُنِهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ".

وأخرج الدارمي (٤)، من حديث ابن عمر مرفرعًا: "إِن أهل الْجنَّة إِذا بلغ بهم النَّعيم كل مبلغ فظنُّوا أَنه لَا نعيم أفضل مِنْهُ، تجلَّى الربُّ تبَارك وَتَعَالَى عَلَيْهِم فَيَنْظُرُونَ إِلَى وَجه الرَّحْمَن فينسون كلَّ نعيم عاينوه حِين نظرُوا إِلَى وَجه الرَّحْمَن".

وأخرجه الدارقطني (٥) بنقصان منه وزيادة، وفيه: فيقول: "يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، هَلِّلُونِي وَكَبِّرُونِي وَسَبِّحُونِي، كَمَا كُنْتُ تُهَلِّلُونِي وَتُكَبِّرُونِي وَتُسَبِّحُونِي فِي دَارِ الدُّنْيَا، فَيَتَجَاوَبُونَ بِتَهْلِيلِ الرَّحْمَنِ، فَيَقُولُ تَبارَكَ وَتَعَالَى لِدَاوُدَ -عليه السلام-:

يَا دَاوُدُ، قُمْ مَجِّدْنِي فَيَقُوم دَاوُد فَيُمَجِّدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ".

وفي "سُنن ابن ماجه" (٦) عن جابر مرفوعًا: بَيْنَمَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ، إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَإِذَا الرَّبُّ تَعَالَى قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ


(١) برقم (١٨١).
(٢) يونس: ٢٦.
(٣) أخرجه ابن ماجه (١٨٧١)، والنسائي في "الكبرى" (١١٢٣٤/ ١)، وأحمد (٤/ ٣٣٢، ٣٣٣)، (٦/ ١٥).
(٤) في "الرد عَلَى الجهمية" (١٨٩)، وفي الرد عَلَى المريسي (٢٢٩).
(٥) في "الرؤية" (١٧٦).
(٦) برقم (١٨٤).