للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. إِلَّا قَالَ اللهُ لِمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّ عَبْدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَوْفُوهُ إِيَّاهُ. فَيُدْخِلُهُ اللهُ الْجَنَّةَ". قال القاسمُ بن عبد الرحمن: ما في أهلنا جارية إلا تقول هذا في خدرها.

قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَشْهَدُ أَنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تَكِلْنِي إِلَى ضَيْعَةٍ وَعَوْرَةٍ، وَذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ" هذا كما في حديث ابن مسعود (١) المتقدم: "فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنَ الشَّرِّ، وَتُبَاعِدْنِي مِنَ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ". والمقصودُ من ذلك: سؤالُ العبد لربه أنْ يتولاَّه برحمته، وأنْ لا يكله إِلَى نفسه.

وفي كتاب "اليوم والليلة" للنسائي (٢): عن أنس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: "مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ، أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَأَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ اسْتَغِيثُ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، ولاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ".

وخرَّجه الطبراني (٣)، وزاد فيه: "ولاَ إِلَى أحدٍ منَ الناسِ".

وخرَّج أبو داود والنسائي (٤): من حديث أبي بكرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "دَعْوَة الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت".

وقال قتادة: لما نزل قولُه تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} (٥) الآيات، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ لاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ" (٦).


(١) أخرجه أحمد في "المسند" (١/ ٤١٢).
(٢) برقم (٥٧٠).
(٣) في "الأوس" (٣٥٦٥)، (٨٠٢١).
(٤) أخرجه أبو داود في "السنن" (٥٠٩٠)، والنسائي في "الكبرى" (٦/ ١٦٧) برقم (١٠٤٨٧/ ٢٥).
(٥) الإسراء: ٧٤.
(٦) أخرجه الطبري في "التفسير" (١٥/ ٨٩).