للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقدم فضل ذلك ليوم فقره وفاقته، إِنَّمَا كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن أخذ عنهم من التابعين، ما آتاهم الله من رزق أخذوا منه -صلى الله عليه وسلم- الكفاف، وقدموا فضل ذلك ليوم فقرهم وفاقتهم.

وقال ابن عمر لبعض ولده: لا تكن من الذين يجعلون ما أنعم الله عليهم به في بطونهم وعلى ظهورهم (١).

إشارة إِلَى أن المال لا ينفق كله في شهوات النفوس، وإن كانت مباحة، بل يجعل صاحبه منه نصيبًا لداره الباقية، فإنه لاقى له منه غير ذلك.

وفي الجملة فالاقتصاد في كل الأمور حسن حتى في العبادة، ولهذا نهى عن التشديد في العبادة عَلَى النفس، وأمر بالاقتصاد فيها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» (٢).

وفي "مسند البزار" (٣) عن حذيفة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَا أَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ، وَأَحْسَنَ الْقَصْدَ فِي الْعِبَادَةِ».

قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ".

النعيم الَّذِي لا ينفد هو نعيم الآخرة، كما قال الله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ


(١) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٢٦٠) من طريق جعفر بن برقان عن ميمون بن جرير أو ابن أبي جرير أن ابن عمر أتاه ابن له، فَقَالَ: تخرق ازاري. فَقَالَ: اقطعه وانكسه، وإياك أن تكون من الذين ... الأثر.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٣٥٥)، وهناد في "الزهد" (٢/ ٣٦٨)، وابن أبي عاصم في "الزهد" (١/ ١٩٣) من طريق جعفر بن برقان عن رجل عن ابن عمر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ ٢٣٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٠١) من طريق جعفر بن برقان قال: حدثني ميمون بن مهران قال: بلغني أن رجلاً من بني ابن عمر.
وقال البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ٣٤٣): قال ميمون بن أبي جرير أن ابن عمر قال: فذكره. قال البخاري: قاله كثير عن جعفر بن برقان قال: سمعت ميمونًا.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤٢٤١)، وأبو يعلى في "مسنده" (١٧٩٦، ١٧٩٧).
(٣) كما في "كشف الأستار" (٣٦٠٤).