للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنفاق، ودعوى أنّ أولياء الله أفضل من الأنبياء، أو أنّهم مستغنون عنهم، وإلى التنقص بما جاءت به الرسل من الشرائع (١)، وإلى دعوى الحلول والاتحاد، أو القول بوحدة الوجود، وغير ذلك من أصول الكفر والفسوق والعصيان، كدعوى الإباحة، وحل محظورات الشرائع.

وأدخلوا في هذا الطريق أشياءً كثيرة ليست من الدين في شيء، فبعضها زعموا أنّه يحصل به ترقيق القلوب كالغناء والرقص.

وبعضها زعموا أنّه يراد لرياضة النفوس كعشق الصور المحرمة، ونظرها.

وبعضها زعموا أنّه لكسر النفوس أو التواضع، كشهوة اللباس، وغير ذلك مما لم تأت به الشريعة، وبعضها يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، كالغناء والنظر المحرم، وشابهوا بذلك الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعبًا .. " أ. هـ (٢).

هذا ومن نماذج أقواله -رحمه الله- التي ترسم لنا منهجه الحقيقي في الزهد الذي ربما يسمى "تصوفاً معتدلاً" على سبيل التجوز:

قوله في كتابه البشارة العظمى للمؤمن-: " .. فأما ما يجدونه من آثار الجنة فمما يتجلى لقلوب المؤمنين من آثار نور الإِيمان، وتجلي الغيب لقلوب المؤمنين، كالشهادة لقلوبهم في مقام الإحسان؛ فربما تجلت الجنة، أو بعضها، أو بعض ما فيها لقلوبهم أحياناً. حتى يرونها كالعيان.

وربما استنشقوا من روائحها، كما قال أنس بن النضر يوم أحد: "والله إني لأجد ريح الجنة من قبل أحد ... " أ. هـ (٣).

وقال في شرح وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس وهو


(١) كما يقوله غلاتهم مثل الحلاج وابن عربي الطائي وابن الفارض، وصوفية الفلاسفة كابن سبعين.
(٢) من فضل علم السلف على الخلف ص ٤٤ - ٤٥.
(٣) من كتابه البشارة العظمى للمؤمن بأن حظه من النار الحمى (مخطوط) ص ١٨١.