للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضل الصدقة تعليم جاهل أو إيقاظ غافل، ما وصل المستثقل في نوم الغفلة بأفضل من ضربه بسياط الموعظة ليستيقظ.

المواعظ كالسياط تقع عَلَى (نياط) (١) القلوب فمن آلمته فصاح فلا جناح، ومن تراد بها ألمه فمات فدمه مباح.

قضى اللَّه في القتلى قصاص دماؤهم ... ولكن دماء العاشقين جبار

وعظ عبد الواحد بن زيد يومًا فصاح به رجل: يا أبا عبيدة، كف فقد كشفت الموعظة قناع قلبي؛ فتمادى عبد الواحد في وعظه فمات الرجل.

صاح الرجل في حلقة الشبلي فمات، فاستعدى أهله عَلَى الشبلي! فَقَالَ: نفس رنت فحنت، فدعيت فأجابت، فما ذنب الشبلي.

فكر في أفعالهم ثم صاح ... لا خير في الحب بغير افتضاح

قد جئتكم مستأمنًا فارحموا ... لا تقتلوني قد رميت السلاح

وعظ أبو عامر الواعظ بالمدينة رجلًا وولده فأخذ وعظه فيهما فماتا؛ قال أبو عامر: فما رأيت حزنًا مما جنيت عليهما حتى رأيتهما في المنام، عليهما حلتان خضراوتان. فقلت لهما: مرحبًا بكما وأهلاً، فما زلت حذرًا من وعظي لكما، فما صنع الله بكما؛ فَقَالَ الشيخ:

أنت شريكي في الَّذِي نلته ... مستأهلاً ذاك أبا عامر


(١) نياط: جمع نوط وهو عرق غليظ نيط به القلب إِلَى الوتين. "القاموس والمحيط" (٤/ ٤٦٠).