للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَضَعَ يَدَهُ فِي الخَطِّ الأَوْسَطِ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآية: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاً تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} الآية".

وقد رُوي عن ابن مسعود "أنَّه سُئل عن الصراط المُستقيم فَقَالَ: تركنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - في أدناه وطرفُه في الجنة، وعن يمينه جوادٌ [وعن شماله جواد] (١) وثُمَّ رجالٌ يدعون من مرَّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إِلَى النار، ومن أخذ عَلَى الصراط انتهى به إِلَى الجنة. ثم قرأ ابنُ مسعود: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} خرَّجه ابنُ جرير (٢) وغيرُه.

وإنَّما سُمّي الصراطُ صراطًا؛ لأنًه طريقٌ واسع سهل، يُوصل إِلَى المقصود، وهذا مثل دين الإسلام فى سائر الأديان؛ فإنَّه يُوصل إِلَى الله وإلى داره وجِواره، مع سهولته وسعته.

وبقيةُ الطرق -وإن كانت كثيرة- فإنَّها كلِّها مع ضيقها وعُسرها لا تُوصل إِلَى الله؛ بل تقطع عنه وتُوصل إِلَى دار سخطه وغضبه ومجاورة أعدائه، ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) وقال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (٤).

والإسلامُ العام هو دين الله الَّذِي كان عليه جميع الرسل؛ كما قال نوح {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٥) وقال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} (٦) وقال تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ


(١) ليست بالأصل، والمثبت من "تفسير الطبري" (٨/ ٦٥).
(٢) في "تفسيره" (٨/ ٦٥).
(٣) آل عمران: ٨٥.
(٤) آل عمران: ١٩.
(٥) يونس: ٧٢.
(٦) الحج: ٧٨.