للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأهل النار؟ كل عتل (١) جواظ (٢) مستكبر.

وفي "المسند" (٣) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَلاً أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؟» قَالُوا: بَلَى. قال: الضُّعفاء المغلوبون. «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟» قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «كُلُّ شَدِيدٍ جَعْظَرِيٍّ، هُمُ الَّذِينَ لَا يَأْلَمُونَ رُءُوسَهُمْ».

وخرجه (٤) أيضًا بمعناه من حديث سراقة بن مالك وعبد اللَّه بن عمر.

وخرجاه في "الصحيحين" (٥) عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟ وَقَالَتِ النَّارُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلَّا المُتَجَبِّرِينَ وَالْمُتَكَبِّرونَ ... " الحديث.

وقد ورد في القرآن تشبيه المنافقين بالخشب المسندة مع حسن منظرهم، فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} (٦).

فوصفهم بحسن الأجسام وتمامها، وحسن المقال (وفصاحته) (*)، حتى يعجب من منظرهم من رآهم، ويسمع قولهم من سمعه سماع إصغاء وإعجاب به، ومع هذا فبواطنهم خراب ومعانيهم فارغة، فلهذا مثلهم بالخشب المسندة، التي لا روح لها ولا إحساس، وقلوبهم مع هذا ضعيفة فى غاية الضعف: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} (٦) لأنهم لما أضمروا خلاف ما أظهروا خافوا الاطلاع عليهم، فكلما سمعوا صيحة ظنوا أنها عليهم، وهكذا كل مريب يظهر خلاف ما يضمر يخاف من أدنى شيء ويحسبه عليه.


(١) العُتُل: هو الشديد الجافي والفظ الغليظ من الناس "اللسان" (١١/ ٤٢٣).
(٢) الجواظ: الكثير اللحم، الجافي الغليظ الضخم المختال في مشيته. "اللسان" (٧/ ٤٣٩).
(٣) (٢/ ٣٦٩، ٥٠٨).
(٤) في "المسند" (٤/ ١٧٥).
(٥) أخرجه البخاري (٤٨٥٠)، ومسلم (٢٨٤٦).
(٦) المنافقون: ٤.
(*) والفصاحة: "نسخة".