للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروي أن المسيح عليه السلام قال لبني إسرائيل في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنه يسل السيف، فيدخلون في دينه طوعًا وكرهًا". وإنما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسيف بعد الهجرة لما صار له دار وأتباع وقوة ومنعة.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتهدد أعداءه بالسيف قبل الهجرة، وكان -صلى الله عليه وسلم- يطوف

بالبيت وأشراف قريش قد اجتمعوا (في الحجر) (*) وقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل، قد سفه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعتنا، وسب آلهتنا! لقد صبرنا منه عَلَى أمر عظيم. فلما مر بهم النبي -صلى الله عليه وسلم- غمزوه ببعض القول، فعُرِفَ ذلك في وجهه - صلى الله عليه وسلم - وفعلوا ذلك به ثلاث مرات، قال: "تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ؟ أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ" فأخذت القوم كلمته، حتى ما فيهم رجل إلا وكأنما عَلَى رأسه طير واقع، وحتى أن أشدهم عليه قبل ذلك ليلقاه بأحسن ما يجد من القول، حتى أنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم راشدًا، فواللَّه ما كنت جهولًا (١).

وقال محمد بن (الحسن) (**): بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبا جهل يقول: إِنَّ محمدًا يزعم أنكم إِن بايعتموه عشتم ملوكًا، فَإِذَا متم بعثتم بعد موتكم، وكانت جنان خير من جنان الأردن، وأنكم إِن خالفتموه كان لكم منه الذبح.

ثم بعثتم بعد موتكم (وكان) ( ... ) لكم نار تعذبون فيها، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "وأنا أقول ذلك إِنَّ لهم مني لذبحًا، وإنه لآخذهم".

وقد أمر الله -تعالى- بالقتال في مواضع كثيرة في القرآن قال تعالى: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ ... } (٢)، وقال: {فَإذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الوَثَاقَ ... } (٣) الآية.


(*) بالحجر: "نسخة".
(١) أخرجه البخاري (٣٦٧٨).
(**) كعب: "نسخة".
(٢) التوبة: ٥.
( ... ) كانت: "نسخة".
(٣) محمد: ٤.