وتنساهم وأنت غدًا ستفنى ... كأنك ما خلقت ولا وجدتا
تُحدِّث عنهم وتقول كانوا ... نعم كانوا كما والله كنتا
حديثك هم وأنت غدًا حديث ... لغيرهم فأحسن ما استطعتا
يعود المرء بعد الموت ذكرًا ... فكن حسن الحديث إذا ذكرتا
سل الأيام عن عم وخال ... ومالك والسؤال وقد علمتا
ألست ترى ديارهم خلاء ... فقد أنكرت منها ما عرفتا
ومنها: النظرُ في ديار الهالكين، والاعتبار بمنازل الغابرين.
روى ابنُ أبي الدُّنْيَا في كتاب "التفكر والاعتبار"، بإسناده عن عُمر بن سليم الباهلي، عن أبي الوليد، أنَّه قال: كان ابن عمر إذا أراد أنْ يتعاهد قلبَه يأتي الخربة فيقف عَلَى بابها، فيُنادي بصوت حزين، فيقول: أَين أهلك؟ ثم يرجع إِلَى نفسه، فيقول: كل شيء هالكٌ إلاَّ وجهه".
وروى في كتاب "القبور" بإسناده، عن محمَّد بن قُدامة قال: كان الرَّبيعُ ابن خُثيم إذا وجد من قلبه قسوةً يأتي منزل صديق له قد مات في الليل فيُنادي: يا فُلان ابن فلان، يا فلان ابن فلان. ثم يقول: ليت شِعري، ما فعلتَ وما فُعل بك؟ ثم يبكي حتى تسيل دموعه، فيعرف ذاك فيه إِلَى مثلها.
ومنها: أكلُ الحلال؛ روى أبو نُعيم وغيرهُ، من طريق عُمر بن صالح الطرسوسي، قال: ذهبتُ أنا ويحيى الجلاء -وكان يقال إنّه من الأبدال- إِلَى أبي عبد الله أحمد بن حنبل فسألتُه، وكان إِلَى جنبه بوران وزُهير الجمال، فقلت: رحمك الله يا أبا عبد الله، بم تلين القلوبُ؟ فنظر إِلَى أصحابه فغمزهم بعينه، ثم أطرق ثم رفع رأسه، فَقَالَ: يا بني بأكل الحلال. فمررتُ كما أنا إِلَى أبي نصر بشر بن الحارث، فقلتُ له يا أبا نصر، بم تلين القلوب؛ فَقَالَ: ألا