للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يعبد اللات والعزّى" وهذا لأنّ مدمنها يعكف عليها ولا يكاد يفيق منها فيصير كالعاكف عَلَى الأوثان، كما قال علي -رضي الله عنه- في الشطرنج.

وقد رُوي عنه: "أن أصل دين المجوسيّة أنه كان لهم دين، وكان عليهم ملك يشرب الخمر؛ فسكر، فوقع بأخته ثم ادّعى أن الله أباحه، ثم خدّ لمن خالفه (أخاديد) (*)، وأضرم فيها النار فيقتحم الناس، يتقاذفون فيها حتى إِن كانت المرأة لتجيء بالصبي ترضعه، فيقول: يا أمّه، اقتحمي فإن عذاب الدّنْيا أهون من عذاب الآخرة" خرَّجه يعقوب بن شيبة.

وكلما أدمن الخمر وعكف عليها نقص إيمانه وضعف ونزع منه، فيخشى أنه يسلبه بالكليّة عند الموت، وقد وقع ذلك في حكاية ذكرها عبد العزيز بن أبي روَّاد، وكان عبد العزيز يقول: "اتقوا الذنوب فإنها أوقعته".

وعن عبد الله بن عمرو قال: "لأنّ أزني وأسرق أَحَبّ إليَّ من أن أشرب الخمر؛ لأنّ السكران تأتي عليه ساعة لا يعرف فيها ربه".

وروي في ذلك أثر إسرائيلي عن الله عز وجل.

وفي "صحيح مسلم" (١): "أنهى عن كلّ ما أسكر عن الصلاة".

وقال الله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ} (٢) فلا سعادة للعبد ولا فلاح بدون ذكر الله والصلاة؛ فلذلك حرَّم عليه الاشتغال بكل ما صدّ عن ذلك.

ومنها: سخط الله عز وجل. وفى "المسند" (٣) عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَرْضَ اللهُ عَنْهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً؛ فَإِنْ مَاتَ مَاتَ كَافِرًا، وَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ".


(*) أخدودًا: "نسخة".
(١) برقم (٢٠٠١).
(٢) المائدة: ٩١.
(٣) (٦/ ٤٦٠).