للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هب البعث لم تأتنا رسله ... و (جاحمة) (١) النار لم تضرم

أليس من الواجب المستحق ... حياء العباد من المنعم

من كثرت عليه النعم فليقيدها بالشكر، وإلا ذهبت.

إذا كنت في نعمة فارعها ... فإن المعاصي تزيل النعم

وحافظ عليها بشكر الإله ... فشكر الإله يزيل النقم

ودخل خالد بن صفوان عَلَى عمر بن عبد العزيز فَقَالَ: يا أمير المؤمنين إِنَّ الله لم يرض أن يكون أحدٌ فوقك، فلا ترض أن يكون أحد أولى بالشكر له منك. فبكى عمر حتى غشي عليه.

الأمر الثاني: حسن العبادة، وحسنها إتقانها والإتيان بها عَلَى أكمل وجوهها.

وإلى هذا أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سأله جبريل عن الإحسان فَقَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ» (٢).

فأشار إِلَى مقامين:

أحدهما: أن يعبد الله العبدُ مستحضرًا لرؤية الله إياه، ويستحضر قرب الله منه، واطلاعه عليه، فيخلص له العمل، ويجتهد في إتقانه وتحسينه.

والثاني: أن يعبده عَلَى مشاهدته إياه بقلبه، فيعامله معاملة حاضر لا معاملة غائب، وقد وصَّى -صلى الله عليه وسلم- رجلاً أن يصلي صلاة مودع؛ يعني يستشعر أنه يصلي صلاة لا يصلي بعدها صلاة أخرى، فيحمله ذلك عَلَى إتقانها، وتكميلها، وإحسانها.

وقد وردت أحاديث فضائل الأعمال مقيدة بإحسان العمل، كما في


(١) كل نار توقد عَلَى نار: جحيم، وهي جاحمة. "اللسان" مادة: (جحم).
(٢) أخرجه مسلم (٨) من حديث عمر بن الخطاب. وأخرجه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩) من حديث أبي هريرة.