للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان بعضهم يقول في سجوده:

متى ألقاك وأنت عني راض ... وعذبتني بكثرة الإعراض

وأعتاض ولست عنه بالمعتاض ... يا من بوصاله شفا أمراضي

هل أنت علي ساخط أم راضي

رضاه أكبر من الجنة ونعيمها، فليس للعارفين هم سواه.

لعلك غضبان وقلبي غافل ... سلام عَلَى الدرارين إِن كنت راضيًا

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا".

القلب واللسان هما عبارة عن الإنسان، كما يقال: الإنسان بأصغَرَيه بقلبه ولسانه.

وخرج ابن سعد (١) بن روايه عروة بن الزبير مرسلاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما رأى أشج عبد القيس -وكان رجلاً دميمًا- فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّه لَا يَسْتَقِي فِي مسوك الرِّجَال، وَإِنَّمَا يحْتَاج من الرجل إِلَى أصغريه لِسَانه وَقَلبه".

وقال المتنبي:

لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم

فمن استقام قلبه ولسانه، استقام شأنه كله.

فالقلب السليم: هو الَّذِي ليس فيه شيء من محبة ما يكرهه الله، فدخل في ذلك سلامته من الشرك الجلي والخفي، ومن الأهواء والبدع، ومن الفسوق والمعاصي -كبائرها وصغائرها- الظاهرة والباطنة، كالرياء والعجب، والغل والغش، والحقد والحسد وغير ذلك.


(١) في "الطبقات" (٥/ ٥٥٧) من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أبيه مرسلاً.