للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحسن: اللسان أمير البدن، فَإِذَا جنى عَلَى الأعضاء شيئًا جنت، وإذا عفى عفت!

وقد رُوي عن طائفة من السلفى أن اللسان ترجمان القلب، والقلب ملك الأعضاء، وبقية الجوارح جنوده، فَإِذَا صلح الملك وترجمانه صلحت الجنود كلها، وإذا فسد فسدت الجنود كلها.

فَإِذَا كان الملك سليمًا من الهوى، والترجمان صادقًا أمينًا، فالرعية معهما في عافية؛ وإن كان الملك جائرًا، والترجمان غير أمين، فلا تسأل عن فساد حال الرعية معهما، ومتى كان الترجمان غير أمين فقد يلبس، ولكن حال الجائر لا يخفى!

وفي "الصحيحين" (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أَلاَ إِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ".

وقد تقدم (٢) حديث أنس المرفوع: -صلى الله عليه وسلم- "لا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ".

وفي "المسند" أيضاً (٣) عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ".

وفي "سنن ابن ماجه" (٤) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: "قلنا يا رسول الله، من خير الناس؟ قال: ذو القلب المخموم (٥)، واللسان الصادق.

قلنا: قد عرفنا اللسان الصادق فما القلب المخموم؟ قال: هو التقي النقي الَّذِي لا إثم فيه ولا غل، ولا بغي ولا حسد".


(١) أخرجه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
(٢) في "المسند" (٣/ ١٩٨).
(٣) في "المسند" (١/ ٣٨٧).
(٤) برقم (٤٢١٦).
(٥) المخموم: أي نقي من الغل والحسد. "اللسان" مادة: (خمم).