للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَقُولُونَ: {يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (١).

قال ابن مسعود (٢): إِنَّ المؤمن يرى ذنوبه كأنّه فى أصل جبل، يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب طار عَلَى أنفه فَقَالَ به هكذا.

قال عون بن عبد الله: جرائم التائبين منصوبة بالندامة نصب أعينهم، لا تقر للتائب في الدُّنْيَا عين كلما ذكر ما اجترح عَلَى نفسه.

قال الفضيل: بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله.

قال كعب (٣): إِنَّ العبد ليعمل الذنب الصغير فيحقره ولا يندم عليه، ولا يستغفر الله عنه، فيعظم عند الله حتى يكون مثل الطود؛ ويعمل الذنب العظيم فيندم عليه، ويستغفر الله منه، فيصغر عند الله حتى يغفره له.

قال: وأصاب رجل ذنبًا فحزن عليه، فجعل يجيء ويذهب ويقول: بما أرضي ربي؟ فكتب صديقًا.

وقال أبو أيوب الأنصاري: إِنَّ الرجل ليعمل بالمحقرات حتى يأتي الله وقد أحطن به، ويعمل بالسيئة فيفرق منها حتى يأتي الله آمنًا.

وقال بعض السلف: إِنَّ الرجل لتعرض عليه ذنوبه يوم القيامة، فيرى ذنبًا فيقول: أما إني كنت مشفقًا منك، فيغفر له.

وقال بعضهم: كفاك همك بذنبك -من توبتك- إقلاعًا وإنابة.

وقال الأوزاعي: كان يقال: من الكبائر أن تعمل الذنب فتحقره.

ومن هنا قال بعضهم: لا تنظر إِلَى صغر الخطيئة، ولكن انظر من عصيت؟!


(١) الكهف: ٤٩.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٤٩٧).
(٣) أخرجه البيهقي في "الشعب" (٧١٥١).