للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وروى ابن أبي الدُّنْيَا في "كتاب المرضى" (١) بسنده إِلى أبي هريرة رفعه قال: "من وعك ليلة فصبر ورضي بها عن الله عز وجل، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"} (٢).

ومن هنا كُره تمني الموت، فإنه استعجال للبلاء قبل وقوعه، كما قال ابن عمر لمن سمعه يتمنى الموت: لا تتمنّ الموت فإنك ميت، ولكن سل الله العافية.

وفي "المسند" (٣) عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ، فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطْلَعِ شَدِيدٌ، وَإِنَّ مِنَ سَعَادَةِ المَرْء أَنْ يُطَولَ عُمْرَهُ، وَيَرْزُقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ».

والحمى هي بريد الموت، ورائده، فتمنيها كتمني الموت، فيجوز حيث يجور تمني الموت.

وكان أبو الدرداء يقول: أَحَبّ الموت اشتياقًا إِلَى ربي، وأحب المرض تكفيرًا لذنبي، وأحب الفقر تواضعًا لربي.

وفي حديث عبد الرحمن بن المرقع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّمَا الحمى رائد الموت، وسجن الله في الأرض" خرجه أبو القاسم البغوي.

وقال حسان بن عطية: ذكرت الحمى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "تلك أم الدم، تلدم اللحم والدم".

وروي عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً قال: «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ، وَهِيَ سِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، يَحْبِسُ عَبْدَهُ إِذَا شَاءَ، ثُمَّ يُرْسِلُهُ إِذَا شَاءَ».

وقال ابن شبرمة عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ، وَهِيَ سِجْنُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ لِلْمُؤْمِنِينَ».

وقال سعيد بن جبير: الحمى بريد الموت.

خرجه كله ابن أبي الدُّنْيَا (٤).

وصلى الله عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إِلَى يوم الدين، ورضي عن أصحاب رسول الله أجمعين.


(١) برقم (٨٣).
(٢) هذه الفقرة سقطت من الطبعة الأولى، واستدركتها من حاشية نسخة فاتح باستانبول.
(٣) (٣/ ٣٣٢).
(٤) في "المرض والكفارات" (٩٢)، (٧٣)، (٧٤).