للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ} (١).

فأمَّا إِنَّ خلف من يدعو له من أهله، أو قدَّم شيئًا من ماله فإنَّه ينتفع به.

كما في "صحيح مسلم" (٢) عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ".

فأهله لا ينفعه منهم بعد موته إلا من استغفر له ودعا له، وقد لا يفعل.

وقد يكون الأجنبيُّ أنفع للميت من أهله، كما قال بعض الصالحين: وأين مثل الأخ الصالح؟! أهلك يقتسمون ميراثك، وهو قد تفرَّد بحزنك، يدعو لك، وأنت بين أطباق الأرض.

فمن الأهل من هو عدو كما قال الله تعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} (٣).

ومنهم من يشتغل عن الميت بحصول ميراثه كما قيل:

تمرُّ أقاربي جنبات قبرى ... كأنَّ أقاربي لا يعرفوني

وذووا الميراث يقتسمون مالي ... ولا يألون إِن جحدوا ديوني

وقد أخذوا سهامَهُم وعاشوا ... في لله أسرع ما نسوني

قال الحسن: أزهد الناس في عالم جيرانه، وشر الناس لميت أهلُه يبكون عليه ولا يقضون دينه.


(١) الأنعام: ٩٤.
(٢) برقم (١٦٣١).
(٣) التغابن: ١٤.