للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحديث: "وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ -عز وجل- وتدفع ميتَة السوء" خرّجه الترمذي (١)، وابن حبان (٢).

وحديث أبي طلحة، لما تصدق بحائطه وقال: -صلى الله عليه وسلم- "لَوْ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُسِرَّهُ لَمْ أُعْلِنْهُ" خرّجه الترمذيّ (٣) في تفسيره.

واختلفوا في الزكاة: هل الأفضل إسرارها أم إظهارها، فروي عن علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: "جعل الله صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفًا". خرَّجه ابنُ جرير. وفي رواية قال: "وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها".

وقال سفيان الثوري في هذه الآية: هذا في التطوع.

وعن يزيد بن أبي حبيب: إِنَّمَا نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى، وكان يأمر بقسم الزكاة في السر.

قال ابنُ عطية: وهذا مردود، لا سيّما عند السَّلف الصالح؛ فقد قال ابنُ جرير الطبري: أجمع الناس أنَّ إظهار الواجب أفضل.

قال المهدوي: وقيل المُراد بالآية فرض الزكاة والتطوع، وكان الإخفاءُ فيها أفضل في مُدة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ساءت ظنونُ الناس بعد ذلك، فاستحسن العُلَمَاء إظهارَ الفرائض؛ لئلا يظن بأحد المنع.

قال ابنُ عطية: وهذا القول مخالف للآثار، قال: ويحسن في زمننا أن يحسن التستر بصدقة الفرض، فقد كثر المانع لها، وصار إخراجُها عُرضة للرياء. هذا الَّذِي تخيَّله ابنُ عطية ضعيف. فلو كان الرجلُ في مكان يترك أهلُه الصلاة، فهل يُقال: إِنَّ الأفضل أن لا يُظهر صلاته المكتوبة؟!


(١) برقم (٦٦٤) من حديث أنس. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(٢) كما في "الإحسان" (٣٣٠٩) من حديث أنس.
(٣) برقم (٢٩٩٧) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.