للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"نزلت هذه السورة عَلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى، وهو في أوسط أيام التشريق في حجة الوداع: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} فعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له ثمَّ ركب، فوقف للناس بالعقبة، فحمد الله وأثنى عليه ... " وذكر خطبة طويلة.

هذا إسناد ضعيف جدًّا، وموسى بن عبيدة قال أحمد: لا تحل عندي الرواية عنه.

وعن قتادة قال: "عاش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها سنتين".

وهذا يقتضي أنها نزلت قبل الفتح، وهذا هو الظاهر؛ لأنّ قوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} يدل دلالة ظاهرة عَلَى أن الفتح لم يكن قد جاء بعد، لأنّ "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان، هذا هو المعروف في استعمالها، وإن كان قد قيل إنها تجيء للماضي كما في قوله: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} (١).

وقوله: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} (٢).

وقد أجيب عن ذلك بأنه أريد أن هذا شأنهم ودأبهم لم يرد به الماضي بخصوصه، وسنذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمن" ومجيء أهل اليمن (كما قيل: في) (*) حجة الوداع. قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}.

أمَّا نصر الله فهو معونته عَلَى الأعداء حتى غلب النبي - صلى الله عليه وسلم - العرب كلهم، واستولى عليهم من قريش وهوازن وغيرهم. وذكر النقَّاش عن ابن عباس أن النصر هو صلح الحديبية.


(١) الجمعة: ١١.
(٢) التوبة: ٩٢.
(*) "كان قبل" نسخة.