للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يستدل به عَلَى أنَّ المراد بالفتح فتح مكة؛ فقد ثبت في "الصحيحين" من حديث ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح: «لاَ هِجْرَةَ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ» (١).

وأيضًا فالفتح المطلق هو فتح مكة كما في قوله: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} (٢) ولهذا قال: «النَّاسُ حَيِّزٌ، وَأَنَا وَأَصْحَابِي حَيِّزٌ».

وروى النسائي (٣) من طريق هلال بن خَبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "لمَّا نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إِلَى آخر السورة قال: نُعيتْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسُهُ حين أُنزلت، فأخذَ بأشد ما كان اجتهادًا في أمر الآخرة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: «جَاءَ الْفَتْحُ، وَجَاءَ نَصْرُ اللهِ وَجَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ لَيِّنَةٌ {قُلُوبُهُمُ} (٤) الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفِقْهُ يَمَانٌ».

وروى ابن جرير (٥) من طريق الحسين بن عيسى الحنفي، عن معمر، عن الزهري، عن أبي حازم، عن ابن عباس قال: «بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة إذ قال: الله أكبر الله أكبر، وَجَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا أَهْلُ الْيَمَنِ؟ قَالَ: قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ لَيِّنَةٌ طِبَاعُهُمُ، الْإِيمَانُ يَمَانٌ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانٌ، وَالْفِقْهُ يَمَانِيَةٌ».

ورواه أيضاً من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن عكرمة مرسلاً، وكذا هو في "تفسير عبد الرزاق" عن معمر، أخبرني من سمع عكرمة ... فأرسله.


(١) أخرجه البخاري (١٨٣٤)، ومسلم (١٣٥٣).
(٢) الحديد: ١٠.
(٣) في "السنن الكبرى" (١١٧١٢).
(٤) في "الأصل": ألسنتهم. والمثبت من "أ" و"السنن الكبرى".
(٥) "تفسير الطبري" (٣٠/ ٢١٥).