للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أنَّ التسبيح والتحميد فيه إثبات صفات الكمال ونفي النقائص والعيوب، والاستغفارُ يتضمنُ وقايةَ شر الذنوب.

فذاك حق الله، وهذا حق عبده، ولهذا في خطبة الحاجة: "الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره" (١).

وكان رجل في زمن الحسن البصري معتزل النّاس، فسأله الحسن عن حاله، فَقَالَ: إني أُصبح بين نعمة وذنب فأحدثُ للنعمة حمدًا، وللذنب استغفارًا، فأنا مشغولٌ بذلك. فَقَالَ الحسن: الزم ما أنت عليه، فأنت عندي أفقه من الحسن.

والاستغفار: هو خاتمة الأعمال الصالحة، فلهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعله خاتمة عُمرِهِ.

كما يُشرع لمصلي المكتوبة أن يستغفر عقبها ثلاثًا (٢)، وكما يُشرع للمتهجد من الليل أن يستغفر بالأسحار، قال تعالى: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (٣) وقال: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (٤) وكما يشرع الاستغفار عقيب الحج قال تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٥).

وكما يشرع ختمُ المجالس بالتسبيح والتحميد والاستغفار وهو كفارة المجلس (٦)، وروي أنه يختم به الوضوء أيضًا (٧).


(١) أخرجه مسلم (٨٦٨).
(٢) أخرجه مسلم (٥٩١).
(٣) الذاريات: ١٨.
(٤) آل عمران: ١٧.
(٥) البقرة: ١٩٩.
(٦) أخرجه أبو داود (٤٨٥٨)، والترمذي (٣٤٣٣)، والنسائي فى "الكبرى" (١٠٢٣٠)، وأحمد (٢/ ٣٦٩، ٤٩٤).
(٧) أخرجه النسائي في "الكبرى" (٩٩٠٩).