للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

اللهم صل عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا.

الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن مُحَمَّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.

أما بعد:

فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ومن يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئًا.

ثم إِنَّ الله تعالى خلق الخلق لأجل معرفته، وليأمرهم بعبادته، ولا سعادة لأحد في الدُّنْيَا والآخرة إلا بمعرفة الله -عز وجل- وعبادته وحده لا شريك له، ولذلك أرسل الله الرسل، وأنزل الكتب.

فإن العباد وإن كانوا مفطورين عَلَى معرفة الله ومحبته وتألهه فإن كل مولود يولد عَلَى الفطرة، وهي سلامة القلب، وقبوله وإرادته للحق الَّذِي هو الإسلام، وتهيؤه له، لكنهم محتاجون أشد الحاجة إِلَى ما يحمل به قوتهم العلمية والعملية، وهو العِلْم النافع والعمل الصالح، وبذلك يصيرون مسلمين بالفعل، بعد أن كانوا مسلمين بالقوة، فلذلك أرسل الله الرسل وأنزل معهم الكتب؛ ليرشدوا الخلق إِلَى ما فيه سعادتهم، وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، وضمن لهم أن من اتبع هداه الَّذِي أرسل به رسله فلا يضل ولا يشقى، وأنه عَلَى هدًى من ربه، وأنه من المفلحين، فالهدى ضد الضلال، والفلاح ضد حال أهل الشقاء، وكذلك الغي، كما نفى الله تعالى عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ضل أو غوى، فَإِذَا جمع بين الضلال والغي، فالضلال من الجهل