للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا يدل عَلَى أنه يرى قسمة ماله بين الورثة.

إذا تقرر هذان الأصلان فلنرجع إِلَى الكلام عَلَى أم ولد المفقود فنقول: من قال بوقف مال المفقود وأزواجه؛ فلا شك في أنه يوقف أم ولده أيضاً.

وأما من أباح التزويج لأزواجه ولم يقسم ماله كمالك؛ فإنه يحتمل عَلَى أصله أن يقف أم ولده؛ لأنها مال، ويحتمل أن لا يقفها؛ لأنّ في إيقافها عن النكاح من الضرر كالزوجة، ولهذا يغلب عنده عَلَى أم الولد حكم الحرة، فلا تضمن عنده بغصب، ولا بالعقد الفاسد.

وأما من أباح نكاح زوجاته وقسمة ماله كأحمد، فلا وجه عنده للتوقف في نكاح أم ولده، وذلك لأنّ المغلب عند أصحابنا فيهم حكم المال، ولهذا يضمن عندهم بالغصب، ومن متأخريهم من قال: وبالعقد الفاسد أيضًا.

وعلى تقدير تغليب حكم الأحرار عليها فليلحق بالزوجة لما في انتظارها لسيدها أبدًا من الضرر.

وقد ذكر أبو داود في "مسائله" باب المفقود، ثم ذكر عن أحمد في زوجة المفقود أنها تتربص أربع سنين ثُم تعتد وتتزوج، ثم قال: سمعت أحمد سئل عن المفقود يقدم وقد تزوج أمهات ولده قال: يردون إِلَيْهِ، ثم ذكر كلام أحمد في قسمة مال المفقود بعد هذا.

فانظر إِلَى ترتيب أبي داود، كيف أدخل حكم أمهات {أولاده} (١) بين الزوجات والمال لترددها بينهما، ولو كان أحمد لا يرى جواز تزويج أمهات أولاده لأنكر تزويجهن، وقال: لم يكن يجوز ذلك، أو ما يدل عَلَى هذا المعنى.

وأيضًا فأبو داود لما ساق من كلام أحمد جواز تزويج زوجة المفقود كان تقريرًا منه لجواز تزويج أمهات أولاده، فلم يحتج إِلَى التصريح بجوازه، وإنما ساق أحكامه التي يحتاج إِلَى معرفتها لمخالفتها حكم تزويج الزوجة.


(١) في "الأصل": "أوده" وهو تصحيف.