للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العِلْم النافع، وتوقع العداوة والبغضاء بين المسلمين، وتوجب كثرة الجدل والخصومات في الدُّنْيَا مما هو منهي عنه عند هذا الإمام وغيره من السَّلف الماضين.

وكذلك علم الإحسان: وهو علم المراقبة والخشية، كان هذا الإمام فيه غاية، كما كان في علم الإسلام والإيمان آية. ولكن كان الغالبُ عليه في هذا العِلْم تحقيق الأعمال دون تزويق الأحوال؛ فلذلك كان لا يطلق إلا المأثور عن السَّلف، دون ما (أخذته) (١) المتأخرون عن الخلف.

ولقد كان رضي الله عنه في جميع علومه مستندًا بالسنة، لا يرى إطلاقَ ما لم يُطلقه السَّلفُ الصالح من الأقوال، ولا سيما في علم الإيمان والإحسان.

وأمَّا علم الإسلام: فكان يُجيب فيه عن الحوادث الواقعة مما لم يسبق فيها كلامٌ؛ للحاجة إِلَى ذلك، مع نهيه لأصحابه أن يتكلموا في مسائل ليس لهم فيها إمام.

وإنَّما كان يُجيب غالبًا عما سبق الكلامُ فيه، وفيما يحتاج ولابد لوقوعه ومعرفة حُكمه.

فأمَّا ما يولِّده الفقهاءُ من المسائل التي لا تقع أو لا تكاد تقع إلا نادرًا، فكان ينهى كثيرًا عن الكلام فيها؛ لأنّه قليلُ الفائدة ويُشغل عمَّا هو أهم منه مما يحتاج إِلَى معرفته.

وكان رضي الله عنه لا يرى كثرة الخصام والجدال، ولا توسعة لقيل أو لقال في شيء من العلوم والمعارف والأحوال.

إِنَّمَا يرى الاكتفاء في ذلك بالسنة والآثار، ويحث عَلَى فهم معاني ذلك من غير إطالةٍ للقول والإكثار.


(١) كذا!!