للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديك تقول: اللهم أهلكه. لا، بل ادع الله له: اللهم أصلحه، اللهم راجع به، فيكون الله يُعطيك أجر ما دعوت؛ فإنَّ من قال لرجل: اللهم أهلكه فقد أعطى الشيطان سؤله؛ لأنّ الشيطان إِنَّمَا يدور منذ خلق الله آدم عَلَى هلاك الخلق.

وفي كتاب "الزُّهد" للإمام أحمد، أنَّ رجلاً من إخوان فُضيل بن عياض، من أهل خُراسان، قدم مكة، فجلس إِلَى الفُضيل في المسجد الحرام يُحدِّثه، ثم قام الخُراساني يطوف، فسرقت منه دنانير ستين أو سبعين، فخرج الخراساني يبكي. فَقَالَ له فُضيل: ما لك؟ قال سُرقت الدنانير، قال: عليها تبكي؟ قال: لا مَثَّلتُني وإياه بين يدي الله عز وجل، فأشرف عقلي عَلَى إدحاض حجته، فبكيت رحمة له.

وسُرق لبعض المتقدمين شيءٌ، فحزن عليه. فذكر ذلك لبعض العارفين، فَقَالَ له: إِن لم يكن حزنك عَلَى أنَّه قد صار في هذه الأمة من يعمل هذا العمل، أكثر من حزنك عَلَى ذهاب مالك، لم تؤدِّ النصيحة لله عز وجل في عباده إِلَيْهِ!! أو كما قال.

وخرَّج الإمام أحمد (١)، وأبو داود (٢)، والنسائي (٣)، وابن ماجه (٤)، من حديث أبي أمية المخزومي عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أُتِيَ بِلِصٍّ قَدِ اعْتَرَفَ، وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أخَالُكَ سَرَقْتَ؟» قَالَ: بَلَى، فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا!! فَأَمَرَ بِهِ، فَقُطِعَ. وَجِيءَ بِهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ»، فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ {اللَّهَ} (٥) وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ» ثَلَاثًا. ولفظُه لأبي داود. وفي صحيح البُخاري (٦) عن


(١) (٥/ ٢٩٣).
(٢) برقم (٤٣٨٠).
(٣) (٨/ ٦٧).
(٤) برقم (٢٥٩٧).
(٥) ما بين معقوفتين سقط من الأصل، واستدركته من سنن أبي داود.
(٦) برقم (٦٧٧٧).