للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسنذكر إِن شاء الله تعالى نهيه عن خاتم الذهب ونهيه عن التختم به في السبابة والوسطى، وهو يدل بمفهومه عَلَى إباحته عَلَى غير تلك الصفة.

وقد ثبت لبس الخاتم عن جماعة من الصحابة منهم: طلحة وسعد وابن عمر وخباب بن الأرت والبراء بن عازب والمغيرة بن شعبة وغيرهم.

ولم ينقل عن أحد منهم إنكار لبسه لكونه خاتمًا، ثم إِن طائفة من الأصحاب قالوا: متى كان لبسه لغرض التَّزين به لا غير، كره.

ومنهم من قال: تركه حينئذٍ أولى.

وهذا يفيد أن الإباحة إِنَّمَا هي مع إطلاق القصد، ولا يقال مع قصد الاتباع أيضًا، لأن هؤلاء لا يرونه مستحبًّا، ولا يجعلون لبس الشارع له تشريعًا فلا يمكن قصد الاتباع حينئذٍ، اللهم إلا في التشبه بصورة الفعل، وإن كان مباحًا، كما كان ابن عمر يفعله، وهذا ينبغي اختصاصه بالرجال، فإن النساء لا يكره لهن لبس الخاتم للزينة بلا ريب لأنّه من جملة الحلي، "وقد كُنَّ النساء يلبسن الخواتم عَلَى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تصدقن بها يوم العيد بحضرته لما حثهن عَلَى الصدقة" (١).

وذهبت طائفة إِلَى استحباب لبس الخاتم للرجال أيضاً وهذا وجه لأصحابنا.

وروى مالك عن صدقة بت يسار قال (سألت) (*) سعيد بن المسيب عن لبس الخاتم فَقَالَ: "البسه وأخبر الناس أني قد أفتيتك بذلك". واحتج لهذا


=أنَّه أحمد بن حنبل، لكن لم أر هذا الحديث في "مسند أحمد" من هذا الوجه أصلاً.
(١) أخرجه البخاري (٩٦٤)، ومسلم (٨٨٤) من حديث ابن عباس ولفظ البخاري: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ، تُلْقِي المَرْأَةُ خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا» وفي أحد ألفاظ الحديث: "فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ وَالخَوَاتِم فِي ثَوبِ بِلال".
(*) ليس في "النسخ الثلاث المخطوطة"، والسياق يقتضيها، وهي في الموطأ.