للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأحمد نصوص نذكرها إِن شاء الله تعالى، فيما بعد فيمن دخل الخلاء بخاتم عليه ذكر الله، أنَّه يحوله إِلَى بطن كفه، وهذا ليس بالصريح في استحباب جعل الفص إِلَى ظاهر الكف لاحتمال أن يكون جوابه خرج علي ما هو الواقع المعتاد من الناس لا (١) عَلَى المشروع في نفس الأمر، وأيضًا فلفظ أحمد يجعله في بطن كفه، وهذا يحتمل أن يريد به يقبض أصابعه في بطن كفه -أي الأخرى- فتستتر بذلك الكتابة إذا كانت إِلَى باطن الكف، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه جعله إِلَى ظاهر كفه إلا في حديث باطل لا يثبت "أنَّه كان إذا دخل الخلاء جعل الكتابة مما يلي كفه". وسيأتي ذكره.

وقد أخذ بعضهم ذلك من حديث أنس الَّذِي في الصحيحين (٢) "أنَّه سُئل: هل اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا؟ فقال: نعم، أخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء ليلة إِلَى شطر الليل ... " فذكر الحديث، وقال: "فكأني أنظر إلى وبيص الخاتم في يده". قال: لأنّ وبيص الخاتم في ظلام الليل في كف الرجل إِنَّمَا يكون من فصه لإتساعه وبروزه، بخلاف حلقته، فإنَّه لا يظهر وبيصها في الظلام في يد اللابس غالبًا، لاسيما مع البعد، وهذا ليس بلازم، وقد يكون رأى بصيص فص الخاتم وهو في كفه عند بسطها للدعاء أو غيره، ويؤيد ما في رواية يزيد بن زريع عن سعيد، عن قتادة، عن أنس "فكأني بوبيص أو بصيص الخاتم في أصبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو كفه" (٣).

ولا ينافي هذا رواية ثابت عنه "فكأني أنظر إِلَى وبيص خاتمه ورفع يده اليسرى". وفي رواية: "ورفع أصبعه اليسرى بالخنصر" وفي رواية "وأشار إِلَى الخنصر من يده اليسرى". لاحتمال إشارته إلي الخنصر من جهة باطن الكف.


(١) في النسخ كلها: إلا. والصواب ما أثبته.
(٢) أخرجه البخاري (٥٨٦٩)، من طريق حميد عن أنس بلفظه، وأخرجه مسلم (٢٠٩٢/ ٥٦، ٥٧) من طريق قتادة عن أنس بنحوه.
(٣) تقدم.