حلي الرجال وجهان، وهذا غريب مخالف لما ذكره الأكثرون وأكثر ما يمكن أن يفرق به بين حلي الرجال والنساء، أن تحلي المرأة غير مكروه، بل هي مرغبة فيه لأجل بعلها، بخلاف الرجل، فإن تحليه بالفضة غير مستحب، وإنَّما هو مباح أو مكروه كما سبق. والصحيح التسوية بينهما، لأن هذا الفرق يقابله أن تحلي الرجال إِنَّمَا يباح باليسير من الفضة أولى، وهذا كله في المباح، أما المحظور كخاتم الذهب الَّذِي يلبسه الرجل ففيه الزكاة بلا نزاع، وأما كيفية الزكاة في الحلي، فالنصاب يعتبر بالوزن ولا يكمل بالقيمة فلو كان وزنه دون نصاب وقيمته نصاب لجودة صناعته، فلا زكاة فيه سواء كانت صناعته محرمة أو مباحة، كما لو كانت النقود لا تبلغ نصابًا وزنًا، وتبلغ قيمته نصابًا لجودتها أو ضربها.
هذا هو المشهور من المذهب، وقول الأئمة الثلاثة والثوري، وقد حكاه بعض الأصحاب إجماعًا.
وفي المذهب وجهان آخران.
أحدهما: أنَّه يكمل النصاب بالقيمة إِن كانت الصياغة مباحة، لأنها مالية متقومة شرعًا، ولهذا يعتبر بقيمتها في الإخراج، كما سنذكره. فكذا في النصاب بخلاف النقود، وهذا قول ابن عقيل، وقد أشار إِلَيْهِ أحمد رحمه الله تعالى في حلي التجارة أنَّه يُقَوَّمُ.
والثاني: اعتبار قيمته في تكميل النصاب سواء كانت صياغته مباحة أو محرمة، وهذا اختيار ابن عقيل أيضاً في موضع من فصوله في دُمْلَج ذهب يلبسه رجل أنَّه يقوم، وهذا متجه فيما كان جنسه يباح لبسه في الجملة كالدملج، فإنَّه يصلح للنساء، وإنَّما المحرم استعمال الرجل له، فلا يُسقط استعماله تقويمه، بخلاف ما كان جنسه محرمًا تحريما مطلقًا كالخف، فإنه لا يباح للرجال ولا للنساء، ولأن العادة لم تجر بالتحلي به، ولا حاجة إِلَيْهِ، بل هو سَرَفٌ محضٌ.