للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: بالمثل، وهو اختيار السامري وظاهرُ كلام أحمد. قال إسحاق بن منصور: قلت لأحمد فيمن كسر ذهبًا أو فضة، قال: يصلحه أحبُّ إليّ إِن كان خلخالاً، وإن كان دينارًا أعطاه دينارًا آخر مثله.

ونقل مُهنا عنه فيمن رَهَن إبريق فضةٍ فانهشَم أو انكسَرَ يصوغُه كما كان.

فقِيلَ لَهُ: كيف يصوغُه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن آنيةِ الذهب والفضة؟ فسكت، كذا ساقه ابن عقيل، رواه مُهنا في "الرهن"، وقال: هي سهو؛ لأن الصياغة متقومة. وساقها أبو الخطاب عليه قيمة مصوغه، وقد حملَ القاضي هذا على التراضي.

وذكر ابن عقيل في كتاب "الرهن" أن رواية مُهنا وقع فيها الخطأ من وجهين:

من جهة تضمنه (الصياغة) (*) بمثلها وهي متقومة.

ومن جهة تضمنه صناعة الأواني وهي محرمة، وهذا باطل.

وقد رجع في كتاب "الغصب" ورد تأويل شيخه وقال: لا وجه لصرف كلام أحمد عن ظاهره، بل صناعة الآدمي يمكن احتذاء مثلها أو شكلها، فإذا عرفت الصورة كان إعادتها جزاءً للحق.

وقد وافق القاضي عَلَى أن من هدم جدارًا أو نقض بابًا فعليه إعادته، وهذا مثله.

فأما تضمين أحمد صناعة الأواني: فقد ذكر طائفة من الأصحاب عن أحمد أخذًا من هذا النص، وابن عقيل نفسه في باب الغصب خالف في ذلك، وذكر أن هذا رجوع عن ذلك لما نبه عَلَى تحريم هذه (الصياغة) (*) بدليل السنة. قال: ومن أحق منه بمراجعة الصواب وترك الرأي للسنة.

وكذلك اختلف الأصحاب في كل مسألة يُعترضُ عَلَى أحمد فيها فيسكت هل يكون رجوعًا أم لا؟


(*) الصناعة: "نسخة".