للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا بطلب الحلال والكسب، والصبر عَلَى الفقر وإن شق، فالإمام أحمد أمر بما جاء الأمر به في الشرع، وسفيان نظر إِلَى قلة صبر الناس إِلَى ما يئول إِلَيْهِ حالهم عند كثرة عيالهم من ترك الورع، والتكسب من الوجوه المكروهة، وهذا هو الغالب عَلَى الناس لاسيما مع قلة العِلْم والصبر (١)، وأما حال الصابرين عَلَى العيال المحافظين عَلَى الورع معهم فعزيزٌ جدًّا كحال الفضيل لما دخل عليه الرشيد فأعطاه ألف دينار، فأبى أن يأخذها، فخرج عنه، فجاء إِلَيْهِ بعض عياله فقالوا له: لو قبلت هذا المال ففرجت به عنا، قال: مثلي ومثلكم كمثل {رجال} (٢) كان لهم جمل يستقون عليه، فلما كبر نحروه، فأكلوا لحمه.

وكان الإمام أحمد له عيال وكان يومًا لا يكون عنده شيء يفرح، وقال: أسرُّ أيامي يوم أصبح وليس عندي شيء، وأرسل يومًا إِلَيْهِ عياله يَقُولُونَ له: ليس عندنا اليوم دقيق، أو قالوا: خبز -فَقَالَ لهم: الساعة، ثم أبطأ عليهم، فعاودوه فَقَالَ: الساعة. فدق عليه رجل الباب، فإذا هو رجل من خراسان قد أرسل معه إِلَيْهِ بخمسة آلاف درهم، فأبى أن يأخذها رردها.

كان فتح الموصلي يجمع عياله في ليالي الشتاء، ويمد كساءه


=يسار. وأخرجه أحمد (٣/ ١٥٨، ٢٤٥)، وسعيد بن منصور في سننه (٤٩٠)، والطبراني في "الأوسط" (٥٠٩٩)، وابن حبان (٤٠٢٨ - إحسان) من حديث أنس.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن حفص ابن أخي أنس إلا خلف بن خليفة.
وذكره الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٥٢) وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" من طريق حفص بن عمر عن أنس، وقد ذكر ابن أبي حاتم وروى عنه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح. وذكره أيضاً في (٤/ ٢٥٨) وقال: إسناده حسن. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (٧٢٣) من طريق أبان بن أبي عياش عن أنس، وأبان متروك.
(١) كتب في الهامش: فافهم ترشد.
(٢) في "الأصل": رجل. والمثبت أنسب للسياق.