للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره:

من أجل هواكمُ هجرت الخلقا ... لم يُبق حقكمُ لنفسي حقًّا

في حبكم يهون ما قد ألقى ... ما يسعد بالنعيم من لا يشقى

وأيضًا فكثرة العيال مما يوجب تعلق القلب بهم، فيشغل ذلك عن محبته وخدمته لله، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (١).

قال أبو حازم: كل ما شغلك عن الله من مال أو ولد فهو عليك شؤم.

وقد روى أبو نعيم (٢) بإسناد ضعيف من حديث ابن مسعود مرفوعًا: "إذا أَحَبّ الله عبدًا اقتناه لنفسه، ولم يشغله بزوجة ولا ولد".

ومن كلام الشيخ عبد القادر: وكم تقول: كل من أحبه لا يدوم لي، بل يحال بيني وبينه بموت أو غيره، فيقال لك: يا محبوب الحق! المعني به المنطورُ إِلَيْهِ المغَارُ عليه، أما علمت أن الله غيور، خلقك له وتروم أن تكون لغيره، أما سمعت قوله عز وجل: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (٣) وقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٤) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَحَبّ الله عبدًا ابتلاه


(١) المنافقون: ٩.
(٢) في "الحلية" (١/ ٢٥) من طريق عبد الملك بن يزيد، ثنا أبو عوانة عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود. فذكره. وأورد الخبر الذهبي في "الميزان" (٤/ ٤١٨ - علمية) وابن حجر في اللسان (٤/ ٧٣) في ترجمة عبد الملك بن يزيد، وقال الذهبي: عبد الملك بن يزيد، عن أبى عوانة بخبر باطل في ترك التزويج، لا يُدرى من هو؟ ثم ساق الخبر بإسناد أبي نعيم وقال: رواه ابن الجوري في "الموضوعات". وعزاه العجلوني في "كشف الخفا" (١/ ٤٦٥) للخطيب وغيره.
(٣) المائدة: ٥٤.
(٤) الذاريات: ٥٦.