كافة، لا ناقية، وهي الداخلة عَلَى سائر أخوات "إن": "لكن، وكأن، وليت، ولعل" وليست في دخولها عَلَى هذه الحروف نافية بالاتفاق، فكذلك الداخلة على "إن" و"أن".
وقد نُسِبَ القول بأنها نافية إِلَى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات": إن العرب عاملوا "إِنَّمَا" معاملة النفي، و"إلاَّ" في فصل الضمير كقوله: "وإنَّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي". وهذا لا يدل علي أن "ما" نافية، عَلَى ما لا يخفى، وإنَّما مراده أنهم أجروا "إِنَّمَا" مجرى النفي، و"إلا" في هذا الحكم لما فيها من معنى النفي، ولم يصرح بأن النفي مستفاد من "ما" وحدها. وقيل: إنه لا يمتنع أن تكون "ما" في هذه الآية بمعني: الَّذِي، والعلماء: خبر، والعائد: مستتر في يخشى وأطلقت "ما" عَلَى جماعة العقلاء، كما في قوله تعالى:{فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}{أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] وأما دلالة الآية علي الثاني وهو نفي الخشية عن غير العُلَمَاء، فمن صيغة "إِنَّمَا" إما عَلَى قول الجمهور، وإن "ما" هي الكافة، فنقول: إذا دخلت "ما" الكافة عَلَى "إنَّ" أفادت الحصر، هذا هو الصحيح. وقد حكاه بعض العُلَمَاء عن جمهور الناس، وهو قول أصحابنا كالقاضي، وابن عقيل، والحلواني، والشيخ موفق الدين، وفخر الدين إسماعيل بن علي -صاحب ابن المني- وهو قول أكثر الشافعية، كأبي حامد، وأبي الطيب، والغزالي، والهراسي، وقول طائفة من الحنفية كالجرجاني، وكثير من المتكلمين كالقاضي أبي بكر وغيره وكثير من النحاة وغيرهم، بل قد حكاه أبو علي، كما ذكره الرازي عن النحاة جملة، ولكن اختلفوا في دلالتها عَلَى النفي، هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟ فَقَالَ كثير من أصحابنا كالقاضي في أحد قوليه، وصاحب ابن المني، والشيخ موفق الدين: إن دلالتها عَلَى النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء، وهو قوله أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية، وذهبت طائفة من أصحابنا كالقاضي في قوله الآخر، وابن عقيل، والحلواني إِلَى أن دلالتها عَلَى النفي بطريق المفهوم، وهو قول كثير من الحنفية والمتكلمين واختلفوا