للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعْمَلُونَ} (١)، وقوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٢). {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (٣). {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (٤) فإنَّه كقوله: {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ} (٥) وقوله: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} (٦)، ونحو ذلك، ولهذا كانت كلها واردة في سياق نفي الشرك، وإبطال إلهية ما سوى الله سبحانه.

وأما أنها مركبة من "إن" و"ما" الكافة، فمسلَّم، ولكن قولهم: أن "ما" الكافة أكثر ما تفيد قوة التوكيد، لا تفيد معنى زائدًا، يجاب عنه من وجوه: أحدها: أن "ما" الكافة قد تثبت معنًى زائدًا، وقد ذكر ابن مالك أنها إذا دخلت عَلَى الباء أحدثت معنى التقليل كقول الشاعر:

ولئن صرت لا تحير جوابًا ... لبما قد تُرى وأنت خطيب

قال: وكذلك تحدث في "الكاف" معنى التعليل، في نحوه قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} (٧).

ولكن قد نُوزِعُ في ذلك وادعيَ أن الباء والكاف للسببية، وأن الكاف بمجردها تفيد التعليل.

والثاني: أن يقال: لا ريب أن "إنَّ" تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوي هذا التوكيد، وتثبت معنى الكلام، فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصة ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره، واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنًى آخر مغايرًا له، وهو الحصر المدعى فبوته بدخول "ما" فلم يخرج عن إفادة قوة معنى التوكيد، وليس ذلك بمنكر إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأول.

الوجه الثالث: أن "إنَّ" المكفوفة بـ "ما" استعملت في الحصر، فصارت حقيقة عرفية فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء، فإنَّه وإن كان في الأصل


(١) الصَّافات: ٣٩.
(٢) الأنبياء: ١٠٨.
(٣) النساء: ١٧١.
(٤) طه: ٩٨.
(٥) آل عمران: ٦٢.
(٦) الأعراف: ٥٩
(٧) البقرة: ١٩٨.