للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكواكِبِ، وإِنّ العُلماء ورثةُ الأنْبِياءِ، وإِنّ الأنْبِياء لمْ يُورِّثُوا دِينارًا ولا دِرْهمًا إِنّما ورّثُوا العِلْم؛ فمنْ أخذ بِهِ أخذ بِحظٍّ وافِرٍ».

وكان السلف الصالح -رضي الله عنهم- لقوة رغبتهم في العلم والدين والخير يرتحل أحدهم إلى بلد بعيد لطلب حديث واحد يبلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وقد رحل أبو أيوب الأنصاري من المدينة إلى مصر للقاء رجل من الصحابة بلغه عنه حديث يحدثه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وكذلك فعل جابر بن عبد الله الأنصاري مع كثرة ما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحديث وروى.

وكان أحدهم يرحل إلى من هو دونه في الفضل والعلم لطلب شيء من العلم لا يجده عنده.

ويكفي في هذا المعنى ما قص الله علينا من قصه موسى وارتحاله مع فتاه، فلو استغنى أحد عن الرحلة في طلب العلم لاستغنى عنها موسى عليه السلام، حيث كان الله قد كمله وأعطاه التوراة التي كتب له فيها من كل شيء، ومع

هذا فلما أخبره الله عز وجل عن الخضر؛ أن عنده علمًا يختص به سأل السبيل إلى لقائه، ثم سار هو وفتاه إليه كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} (١).

يعني: سنين عديدة، ثم أخبر أنّه لما لقيه قال له: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} (٢).


(١) الكهف: ٦٠.
(٢) الكهف: ٦٦.