للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وازدحم الناس مرة على باب ابن المبارك فقال: حُقٌّ لهُمْ مِنْ وِلايةٍ سُرُورُ الأبدِ. يغبطهم بازدحامهم على طلب العلم؛ لأنّه يؤدي إلى الخلود في النعيم المقيم.

ولهذا تأسف معاذ بن جبل عند موته وبكى على مفارقة مجالس الذكر فقال: "إِنّما أبكي على ظمأِ الْهواجِرِ، وقِيامِ ليْلِ الشِّتاءِ، ومُزاحمةِ العُلماءِ بِالرُّكبِ عِنْد حِلقِ الذِّكْرِ" (١).

وينبغي للعالم أن يرحب بطلبة العلم ويوصيهم بالعمل.

كما قال الحسن لأصحابه -وقد دخلوا عليه-: "مرحبًا بِكُمْ وأهْلاً، حَيّاكُمُ اللهُ بِالسّلامِ، وأذخلنا وإيّاكُمْ دار السّلامِ، هذِهِ علانِيةٌ حسنةٌ إِنْ صبرْتُمْ وصدقْتُمْ وأيْقنْتُمْ، لا يكُوننّ حظّكُمْ مِنْ هذا الخْيرِ -رحِمكُمُ اللهُ- أنْ تسْمَعُوهُ بِهذِهِ الْأُذُنِ فيخْرُجُ مِنْ هذِهِ الْأُذُنِ؛ فإِنّهُ منْ رَأَى مُحمّدًا صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم فقذ رآهُ غادِيًا ورائِحًا لمْ يضعْ إِلى اللهِ لبِنةً على لبِنةٍ ولا قَصَبَةً عَلَى قَصَبةٍ، وَلَكِنْ رُفِع لهُ علمٌ فشمَّر إِليْهِ. الْوحَا الْوحَا (٢)، النّجَا النّجَا عَلاَمَ تُعرِّجُون؛ أتيْتُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ كأنّكُمْ والْأمْرُ معًا ".

...


(١) أخرجه أحمد في "الزهد" (٢٢٦)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢٣٩).
(٢) الوَحَا الوَحَا: أي السرعة السرعة. "اللسان" مادة: (وحي).