للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلماء في الأرض تجتمع فيهم هذه الأوصاف الثلاثة:

بهم يهتدى في الظلمات، وهم زينة للأرض، وهم رجوم للشياطين الذين يخلطون الحق بالباطل، ويدخلون في الدين ما ليحمنه من أهل الأهواء، وما دام العلم باقيًا في الأرض فالناس في هدى.

وبقاء العلم بقاء حملته؛ فإذا ذهب حملته ومن يقوم به وقع الناس في الضلال، كما في الحديث الصحيح (١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«إِنّ الله لا يقْبِضُ العِلْم انْتِزاعًا ينْتزِعُهُ مِنْ صُدُورِ الرِّجالِ، ولكِنْ يُذْهِبُ العِلْم بِذِهابِ العُلماءِ، فإِذا لمْ يبْق عالِمٌ اتّخذ النّاسُ رُءُوسًا جُهّالًا فسُئِلُوا فأفْتوْا بِغيْرِ عِلْم، ٍ فضلُّوا وأضلُّوا».

وخرج الترمذي (٢) من حديث جبير بن نفير، عن أبي الدرداء قال:

«كُنّا مَعَ النّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هَذَا أوانُ يُخْتلسُ العِلْمُ مِن النّاسِ حتّى لا يقْدِرُوا مِنْهُ على شيْءٍ»، فقال زِيادُ بْنُ لبِيدٍ: كيْف يُخْتلسُ مِنّا العِلْمُ، وقد قرأْنا القُرْآن؟! فواللهِ لنقْرأنّهُ ولنُقْرِئنّهُ نِساءنا وأبْناءنا، فَقَالَ: «ثَكِلتْك أُمُّك يا زِيادُ، إِنْ كُنْتُ لأعُدُّك مِنْ فُقهاءِ المدِينةِ، هذِهِ التّوْراةُ والإِنْجِيلُ عِنْد اليهُودِ والنّصارى، فَمَاذَا تُغْنِي عنْهُمْ؟!» قال جُبيْرٌ بْنُ نفير: فلقِيتُ عُبادة بْن الصّامِتِ فقُلْتُ: ألا تسْمعُ ما يقُولُ أبُو الدّرْداءِ؟ فأخْبرْتُهُ بِالّذِي قال، قال: «صدق أبُو الدّرْداءِ، لَوْ شِئْتُ لأُخْبَرْتُكَ بِأَوّلِ عِلْمٍ يُرْفعُ مِن النّاسِ: الخُشُوعُ، يُوشِكُ أنْ تذخُل مسْجِد الجامِعِ فلا ترى فِيهِ خاشِعًا».

وخرجه النسائي (٣) من حديث جبير بن نفير، عن عوف بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي حديثه: "فذكر - صلى الله عليه وسلم - ضلالة الْيهُودِ والنّصَارَى عَلَى مَا فِي أيْدِيهِمْ مِنْ كِتابِ اللهِ. قال جُبيْر: فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْن أوْسٍ فحدّثْتُهُ بِحدِيثِ


(١) أخرجه البخاري (١٠٠)، ومسلم (٢٦٧٣) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) برقم (٢٦٥٣).
(٣) في "السنن الكبرى" (٥٩٠٩/ ٣).