للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد دل عَلَى ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥].

كما دل قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: ١١]، عَلَى أن الأخوة في الدين لا تثبت إلا بأداء الفرائض مع التوحيد، فإن التوبة من الشرك لا تحصل إلا بالتوحيد.

ولما قرر أبو بكر هذا للصحابة رجعوا إِلَى قوله (١)، ورأوه صوابًا.

فإذا عُلم أن عقوبة الدُّنْيَا لا ترفع عمن أدّى الشهادتين مطلقًا.

بل قد يعاقب بإخلاله بحق من حقوق الإسلام، فكذلك عقوبة الآخرة.

وقد ذهب طائفة إِلَى أن هذه الأحاديث المذكورة أولاً وما في معناها، كانت قبل نزول الفرائض والحدود، منهم:

الزهري والثوري وغيرهما.

وهذا بعيد جدًا، فإن كثيرًا منها كان بالمدينة قد نزل بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنَّه كان في غزوة تبوك (وهي) (*) في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهؤلاء منهم من يقول في هذه الأحاديث أنها منسوخة، ومنهم من يقول: هي (**) محكمة، ولكن ضم إليها شرائط، ويلتفت هذا إِلَى أن الزيادة عَلَى النص: هل هي نسخ أم لا؟ والخلاف في ذلك بين الأصوليين مشهور.

وقد صرَّح الثَّوري وغيره بأنها منسوخة، وأن نسخها الفرائض والحدود، وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح، فإن السَّلف كانوا يطلقون النسخ


(١) وعلى رأسهم عمر رضي الله عنه كما عند البخاري (١٤٠٠)، ومسلم (٢٠) حيث قال: "فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق".
(*) وهو "نسخة".
(**) إنها: "نسخة".