للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال بعض العارفين: من فارق سُدَّة سيده لم يجد لقدميه قرارًا أبدًا.

وقال بعضهم شعرًا:

والله ما جئتكم زائرًا ... إلا وجدت الأرض تطوى لي

ولا ثنيت العزم عن بابكم ... إلا تعثرت بأذيالي

بالله فاعفوا واصفحوا واجبروا ... كسري فحالي بكم حالي

النوع الثاني من الحفظ: وهو أشرفها وأفضلها، حفظ الله تعالى لعبده في دينه، فيحفظ عليه دينه وإيمانه في حياته من الشبهات المردية والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، ويحفظ عليه دينه عند موته، فيتوفاه عَلَى الإسلام.

قال الحكم بن أبان عن أبي مكي: إذا حضر الرجل الموت يقال للملك: شم رأسه، قال: أجد في رأسه القرآن. قال: شم قلبه. قال: أجد في قلبه الصيام، قال: شم قدميه. قال: أجد في قدميه القيام. قال: حفظ نفسه فحفظه الله عز وجل. خرجه ابن أبي الدُّنْيَا.

وقد ثبت في "الصحيحين" (١) في حديث البراء بن عازب أن النبي صلّى الله عليه وسلم علَّمه أن يقول عند منامه:

"اللهم إن قبضت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".

وفي حديث عمر عن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ احْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا، فَلاَ تُطِعْ فِيَّ


(١) هذا الحديث ليس في الصحيحين من حديث البراء بهذا اللفظ، وإنَّما هو من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري (٦٣٣٠)، ومسلم (٢٧١٤). وأما حديث البراء فبلفظ: إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع عَلَى شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت وجهي إليك ... الحديث. أخرجه البخاري (٦٣١١)، ومسلم (٢٧٠).