رياض كوشي البرد تزهو بحسنها ... جداولها والنور بالماء يشرق
فمن نرجس يخشى فراق فريقه ... ترى الدمع في أجفانه يترقرق
ومن كل ريحان مقيم وزائر ... تضاعف رياه الرياح فيعبق
كأن قدود السرو فيه موائساً ... قدود عذارى ميلها يترقرق
إذا ما تداعت للتعانق صدها ... عيون من النور المفتح ترمق
وقصر يكل الطرف عنه كأنه ... إلى النسر نسر في السماء محلق
زها ببديع الوشي حسناً كأنما ... مدبج روض في نواحيه ملصق
وكم جدول جار يطارد جدولاً ... وكم جوسق عال يوازيه جوسق
وكم بركة فيه تضاحك بركة ... كم قسطل في الماء للماء يدفق
وكم منزل يعشي العيون كأنما ... تألق فيه بارق يتألق
وفي الربوة الشماء للقلب جاذب ... وللسمع إصمات وللعين مرمق
فهام بها الوادي ففاضت عيونه ... فكل قرار منه بالدمع يملق
تكفل من دون الجداول شربها ... يزيد يصفيه لها ويصفق
إذا أشرف الولدان من شرفاتها ... رأيت بدوراً في بروج تألق
وفي بردى معنى يشوق ومنظر ... يروق ومأوى للسرور ومطرق
إذا أنت من أعلاه أشرفت ناظراً ... تجيل عنان الطرف فيه وتطلق
رأيت به بحراً من الدوح مزبداً ... وغدرانه حيتانه منه ترمق
تميل مع الأفنان فيه كأنها ... نشاوى وما دار الرحيق المعتق
وتعطف أعطاف الغصون حمامة ... إذا ما تغنت والغدير يصفق
وتجمع فيه كل حسن مفرق ... وشمل الأسى عن حاضريه مفرق
كأن رياض الغوطتين جنوده ... يقسم فيها جوده ويفرق
وبالمزة الفيحاء دام نعيمها ... جنان تأنى أهلها وتأنقوا
حدائقها من ريها ذات بهجة ... بها الراح والريحان والورد محدق
وفي كنفي سطرى ومقرى معالم ... تعلم أسباب الهوى كيف تعلق